الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

وصف أثداء الحور العين كذب واختلاق على النصوص

243879

تاريخ النشر : 16-07-2016

المشاهدات : 34580

السؤال


قرأت في "الويكيبيديا" عن الحور العين، وكيف أن لهن صدوراً كبيرة. وبحسب المصدر فإن الحديث في "جامع الترمذي" المجلد الثاني ص35-40. فهل هذا الحديث صحيح؟ أرجو التوضيح.

الجواب

الحمد لله.


لم يرد في الكتاب ولا في السنة وصف حسي لأثداء الحور العين؛ لا في سنن الترمذي أو جامع الترمذي، ولا في غيره من كتب السنة المسندة.
والحديث عن وصف أثداء الحور العين بأنها كبيرة أو مستديرة أكثر ما يشيعه الحاقدون على الإسلام، والمتعصبون من الملحدين أو أتباع الأديان الباطلة، يريدون بذلك إظهار الإسلام وكأنه دين جنس وشهوة، وكأن النص العالي المنزه والمقدس – الذي هو الكتاب والسنة – جاء ليفصل وصف أجساد النساء، طلبا للمتعة والإثارة، وكل ذلك من الباطل الزهوق الذي سيتولى ربنا عز وجل عقاب من يشيعه وينشره، في يوم الفصل الذي أجلت إليه الخلائق كلها.
فالقرآن الكريم كتابُ قِيَم ومبادئ جليلة، يغرس في نفس قارئه وحافظه أرقى الآداب ومكارم الأخلاق، حتى إنه يستعمل الكناية اللطيفة البعيدة جدا عن التصريح في شأن العلاقات الزوجية، والأحكام الشرعية المترتبة عليها، الأمر الذي لا يعيه أولئك الطاعنون في القرآن، الذين تفيض قلوبهم وصدورهم بسعار الشهوات، فغدت عقولهم لا تقرأ إلا بمنظار الشهوة، ولا تعي إلا طريقها وما يؤدي إليها.
تأمل معنا ما أجمل هذه الكنايات الحيية الأديبة، في قول الله عز وجل: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) البقرة/187. وقوله سبحانه: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم/21. وقوله عز وجل: (أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ) النساء/43.
كلها يفهم منها العربي أرقى معاني العلاقة الزوجية، وأسمى ما يمكن أن تبلغه أرواح الأزواج من التآلف والتحابب.
وهكذا الشأن أيضا فيما ورد عن الحور العين في القرآن الكريم، كقوله تعالى: (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ. فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ. كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) [الرحمن: 56 - 58]، وقوله سبحانه: (وَحُورٌ عِينٌ. كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) [الواقعة: 22، 23] كلها أوصاف جمالية راقية، تحكي الجمال في أطهر أوصافه، وأشرف أحواله، تستعمل التشبيه البليغ العالي بالياقوت والمرجان واللؤلؤ، وتربط القارئ بعظيم صنع الله سبحانه، بعيدا عن الخوض في تحديد وصف المناطق الحساسة من أجساد النساء، كما يريد المغرضون الطاعنون.

وأما قوله تعالى: (وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا) [النبأ: 33] فقد سبق في موقعنا جواب مفصل بالأدلة الواضحة، تبين أن وصف "الكواعب" في لغة العرب يستعمل في سياق بيان "صغر السن" فحسب، بعيدا عن أي تحديد لشكل الثدي أو حجمه، يمكنك الإفادة من ذلك الجواب المطول عند الرقم: (193409)

والحاصل :
أننا رجعنا إلى سنن الترمذي وإلى ما أمكننا من كتب السنة، فلم نجد فيها حديثا واحدا، ولا رواية واحدة تتحدث عن "كبر" أثداء الحور العين، وما ينتشر في بعض الصفحات الانجليزية من نسبة ذلك إلى "الترمذي" إنما هو تحريف، نُقل عمدا أو بغير عمد عن صفحات كتبها بعض المبطلين بأقلامهم بما نصه:
"A houri is a girl of tender age, having large breasts which are round"
ثم عقب على ذلك بقوله:
"At-Tirmizi, volume 2, pg 35-40"
وهذا من الكذب الصريح، فالترمذي لم يرو شيئا عن كبر أثداء النساء أو استدارتها. ومن يطلب منّا تصديقه فليأت بنص الرواية، ولا يقتصر على ذكر رقم المجلد والصفحة تزويرا وبهتانا على السنة النبوية، فوضع الأرقام – هكذا كيفما اتفق – يحسنه كل أحد، وإنما العبرة أن تكون أرقاما واقعية لنصوص حقيقية. وهذا ما لا يتوفر في هذا السؤال.
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب