الحمد لله.
ينبغي لكم الصبر على أخيكم واحتماله وعدم إيذائه وضربه ، وهناك من أساليب اللين والإحسان والترغيب ما يمكنكم بها أن تحببوه إليكم ، وتجعلوه قريبا منكم ، والضرب - مع ما فيه من إيذائه - ينفره منكم ، ويبغضكم إليه ، أما المعاملة بالحسنى : فتدنيه منكم وتحببكم إليه ، وقد روى مسلم (2594) عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ ).
والغالب أن الضرب لا يفيده ، فإن كان يفيده في التأديب فلا حرج ، بشرط أن يكون
ضربا يسيرا غير مبرح .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ما حكم الشرع في نظركم في معاملة المجنون؟ وهل
يجوز ضربه والاستهزاء به؟ وكيف تكون التوبة من تلك الأفعال وهو لا يعرف؟
فأجاب: المجنون ليس له عقل ، وضربه لا يفيد شيئاً، هذا هو الغالب أن ضربه لا يفيد ،
وربما يفيد .
فإذا كان ضربه للتأديب مفيداً : فلا بأس بضربه .
وإذا كان غير مفيد : فلا يجوز؛ لأنه إيلام بلا فائدة .
وأما السخرية به، والاستهزاء به : فأخشى أن يعاقب الساخر به ، والمستهزئ به، أن
يعاقب بمثل ما حصل لهذا المجنون ، أخشى أن يُسلب عقله ، أخشى أن يسلب عقل أبنائه أو
بناته .
فليتق الله امرؤ في نفسه ، وليحمد الله أن عافاه مما ابتلى به هذا المجنون ، ومعلوم
أن الإنسان لا يحب أن يكون مجنوناً، وليس الجنون باختياره لكنه ابتلاء من الله
وامتحان ، فكيف تسخر بأمر لا قبل للمتصف به فيه وليس باختياره ؟
إن المستهزئ بالمجنون ، كالمستهزئ بمن وجهه ليس بجميل ، أو قامته ليست بمستقيمة أو
ما أشبه ذلك ، فعلى المرء أن يحمد الله سبحانه وتعالى أن عافاه مما ابتلي به هؤلاء
المبتلون، وليسأل الله لهم العافية" انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
والله أعلم .
تعليق