الحمد لله.
يجوز للمرأة أن تكلم الرجال للحاجة، وصوتها ليس عورة، وإنما تمنع من الخضوع بالقول، كما قال تعالى: (يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) الأحزاب/32 .
وهذا أدب عام لسائر المؤمنات.
فتتكلم المرأة مع الرجل بكلام فصل مختصر، دون ترقيق الصوت أو ترخيمه .
فإن كان صوتها رقيقا يمكن أن يُطمع فيها الرجال، أغلظت القول، أو وضعت يدها على فمها ليبدو صوتها غليظا، أو تضع منديلا ونحوه على سماعة الهاتف .
وينظر جواب السؤال رقم (1121)
ولا يشرع لها أن تتشبه بالرجل ، ولا أن تدعي أنها رجل.
قال القرطبي رحمه الله: "(فلا تخضعن بالقول) ... أي : لا تُلنّ القول.
أمرهن الله أن يكون قولهن جزلا ، وكلامهن فصلا، ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين، كما كانت الحال عليه في نساء العرب ، من مكالمة الرجال بترخيم الصوت ولينه، مثل كلام المريبات والمومسات. فنهاهن عن مثل هذا...
قوله تعالى: (وقلن قولا معروفا) قال ابن عباس: أمرهن بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والمرأة تندب إذا خاطبت الأجانب ، وكذا المحرّمات عليها بالمصاهرة : إلى الغلظة في القول، من غير رفع صوت ، فإن المرأة مأمورة بخفض الكلام.
وعلى الجملة فالقول المعروف: هو الصواب الذي لا تنكره الشريعة ولا النفوس" .
انتهى من "تفسير القرطبي" (14/ 177).
وقال ابن الجوزي رحمه الله: "قوله تعالى: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) أي: لا تلِنَّ بالكلام ، فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ، أي: فُجور .
والمعنى: لا تَقُلْنَ قولاً يجد به منافق أو فاجر ، سبيلاً إِلى موافقتكن له .
والمرأة مندوبة إِذا خاطبت الأجانب إِلى الغِلظة في المَقَالة، لأن ذلك أبعد من الطمع في الرِّيبة. وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً أي: صحيحاً ، عفيفاً ؛ لا يُطمِع فاجراً" انتهى من "زاد المسير" (3/ 461).
وقال الألوسي رحمه الله: "روي عن بعض أمهات المؤمنين أنها كانت تضع يدها على فمها إذا كلمت أجنبيا ، تُغيِّر صوتها بذلك ، خوفا من أن يُسمع رخيما لينا.
وعُدّ إغلاظ القول لغير الزوج : من جملة محاسن خصال النساء ، جاهلية وإسلاما" انتهى من "تفسير الألوسي" (11/ 187).
وفي "حاشية قليوبي" (3/ 209): " ويندب للمرأة تغليظ صوتها في خطاب أجنبي" انتهى.
وفي "مغني المحتاج" (4/ 210): " وصوت المرأة ليس بعورة، ويجوز الإصغاء إليه عند أمن الفتنة، وندب تشويهه إذا قُرع بابها فلا تجيب بصوت رخيم، بل تغلظ صوتها بظهر كفها على الفم" انتهى.
ومنه : يُعلم أنه لا حرج في تخشين صوتك عند الحديث مع الرجال، بل هذا هو الأفضل، كما نبه عليه جماعة من الفقهاء ؛ دفعا للفتنة عنك ، أو الفتنة بك .
فإذا فهم المتصل ، من ذلك أنك صبي ، أو نحو ذلك ، من غير ادعاء منك لذلك ، أو تعمد التشبه بالرجال : فنرجو ألا يكون به بأس ، إن شاء الله .
ومتى خفت على نفسك من الفتنة : فاقطعي عنك حبالها ، وأغلقي باب التواصل الذي تخشين منه الفتنة ، واحتاطي لنفسك ، ولأمر دينك ، ولو وكلت أحد محارمك بالتواصل بالرجال ، نيابة عنك ؛ فهو مخرج حسن ، نافع لك ، إن شاء الله .
والله أعلم.
تعليق