الخميس 9 شوّال 1445 - 18 ابريل 2024
العربية

استبدال عملة نقدية قديمة بأخرى جديدة مع أخد عمولة على ذلك

258892

تاريخ النشر : 03-06-2017

المشاهدات : 14656

السؤال

أنا وسيط بين طرفين ، الطرف الأول لديه مبلغ ذات عملة قديمة تم إلغائها ، والطرف الثانى هو من سيقوم باستبدال تلك العملة القديمة بأخرى جديدة مقابل عمولة أو نسبة من المال أي إنه سيغير له العملة القديمة الغير صالحة للإستخدام بعملة أخرى جديدة صالحة للاستخدام الحالى ، ويأخذ عمولة على ذلك ، أو نسبة من المال ، وأنا كونى وسيط بينهم سآخذ عمولة فقط ، كوسيط لتوصيل الطرفين لبعض ، فهل تلك العمولة التى سآخذها حلال أم حرام ؟ وهل تلك العملية حلال أم حرام ؟ مع العلم إن المال الذى سيتم إستبداله غير صالح للإستخدام ، وسيترتب عليه خسارة كبيرة لصاحبه لو لم يتم استبداله ؛ لأنه أصبح معدوما، وﻻ يوجد طريق آخر لتغيير المبلغ إﻻ بهذه الطريقة ، وإﻻ أصبح المبلغ معدوما ، وﻻ فائدة منه . ملحوظة : هذا الأمر لابد فيه من واسطة ؛ لكى تحرك الموضوع ، ويتم تغيير العملات من البنك المركزي.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا تم إلغاء العملة، فلم تعد تصلح ثمنا للأشياء، أي لا يُقبل الشراء بها، ولم تكن ذهبا ولا فضة، فقد زالت عنها علة الثمنية، وجاز شراؤها بالنقود مع التأجيل والتفاضل، لزوال علة الربا.

وينظر للفائدة: جواب السؤال (106284).

ثانيا :

لا شك أن إلغاء التعامل بنقد معين ، والتضييق على الناس في استبداله بقيمته من النقد الصالح: ضرر عظيم ، وظلم على الناس ، في أموالهم ، وما يحق لهم فيها .

وينظر للفائدة : "فتاوى شيخ الإسلام" (29/470) ، "كشاف القناع" للبهوتي (5/204) .

ولا شك – أيضا - أن ضياع هذه العملة القديمة على صاحبها ضرر بالغ ، وظلم بين ، يجب السعي في رفعه عنه ، بما يمكن .

ويحق لصاحب المال أن يسعى في استعادة حقه ، وتبديل العملة القديمة ، بعملة جديدة سارية.

وإن لم يتيسر له ذلك إلا بدفع بعض المال ، لبعض موظفي البنك المركزي ، أو غيرهم من المسؤولين ، لأجل بلوغ حقه ، ودفع الظلم عن نفسه : جاز له ذلك ، والإثم على هذا الموظف الذي لم يوصله إلى حقه ، إلا بتلك الرشوة .

ثالثا:

الوساطة في التبديل المسئول عنه فيها تفصيل كما يلي:

1-إذا كان الطرف الثاني موظفا مسئولا عن هذا التبديل، فلا يجوز له أخذ عمولة على ذلك، فهذا من الرشوة وهدايا العمال المحرمة. إلا إن كان هذا الموظف متعنتا يمنع الطرف الأول من التبديل الذي يحق له، فإذا لم توجد وسيلة لذلك إلا بدفع الرشوة له، جاز، والإثم عليه.

2-وإن لم يكن مسئولا عن ذلك ، وغلب على الظن أنه لا يدفع رشوة لأحد المسئولين، وإنما سيتوسط بجاهه وشفاعته، فما يأخذه يدخل فيما يسميه العلماء بـ "ثمن الجاه"، وهو محل خلاف بين الفقهاء ، فذهب بعضهم إلى جوازه ، كما يفهم من كلام الشافعية والحنابلة ، وذهب آخرون إلى منعه ، أو كراهته ، أو التفصيل في حكمه ، وهي أقوال في مذهب المالكية .

وانظر: جواب السؤال رقم (220023).

رابعا :

إذا كنت وكيلا لصاحب الحق ، تساعده في الوصول إلى حقه : فلا حرج عليك في ذلك ، ولو كنت ستوصل الرشوة إلى الموظف ، بغرض دفع الظلم عن المظلوم .

ولا يحل لك أن تكون سمسارا ، ولا وكيلا للظالم ، وللموظف المرتشي ، تعينه على أخذ الرشوة والمال الحرام من غيره .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الواجب تحصيل المصالح وتكميلها؛ وتعطيل المفاسد وتقليلها .

فإذا تعارضت : كان تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما ، ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناها: هو المشروع.

والمُعين على الإثم والعدوان : من أعان الظالم على ظلمه .

أما من أعان المظلوم على تخفيف الظلم عنه ، أو على أداء المظلمة: فهو وكيل المظلوم؛ لا وكيل الظالم؛ بمنزلة الذي يقرضه ، أو الذي يتوكل في حمل المال له إلى الظالم.

مثال ذلك ولي اليتيم والوقف : إذا طلب ظالم منه مالا ، فاجتهد في دفع ذلك بمال أقل منه ، إليه أو إلى غيره ، بعد الاجتهاد التام في الدفع؛ فهو محسن وما على المحسنين من سبيل. وكذلك وكيل المالك من المنادين والكتاب وغيرهم ، الذي يتوكل لهم في العقد والقبض ودفع ما يطلب منهم؛ لا يتوكل للظالمين في الأخذ.

كذلك لو وضعت مظلمة على أهل قرية أو درب أو سوق أو مدينة ، فتوسط رجل منهم محسن في الدفع عنهم بغاية الإمكان ، وقسطها بينهم على قدر طاقتهم من غير محاباة لنفسه ولا لغيره ولا ارتشاء ، بل توكل لهم في الدفع عنهم والإعطاء: كان محسنا .

لكن الغالب أن من يدخل في ذلك يكون وكيل الظالمين ، محابيا ، مرتشيا ، مخفرا لمن يريد ، وآخذا ممن يريد. وهذا من أكبر الظلمة الذين يحشرون في توابيت من نار ، هم وأعوانهم وأشباههم ثم يقذفون في النار!!" انتهى، من "السياسة الشرعية" (69-71) .

والحاصل :

أنه ينبغي لك أن تسعى في عون أخيك ، وقضاء حاجته ، ورد مظلمته ، بما تستطيع من الوساطة بينه وبين الموظف الذي يملك ذلك .

على أن تحذر أن تكون وكيلا للظالم ، أو لمن يأخذ المال من غير حله ، بل تكون وكالتك ووساطتك عن المظلوم صاحب الحق ، وتسعى في تقليل ما يؤخذ منه بقدر الطاقة .

ولك أن تتفق معه على أن تكون وكالتك عنه بأجر تأخذه ، مقابل ذلك العمل . لكن من غير أن تنظر إلى حاجته ، أو ضرورته ، أو عظم المال الذي يمكن أن يضيع عليه ؛ بل تأخذ منه أجرتك بالمعروف ، وبما يناسب أجرة مثلك ، وجهدك على مثل هذا العمل .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب