الثلاثاء 7 شوّال 1445 - 16 ابريل 2024
العربية

هل آيات القرآن التي كانت لأجل سبب أو حادثة ، تنزل وقت السبب ، أو تتأخر عنه ؟

258967

تاريخ النشر : 27-08-2017

المشاهدات : 25463

السؤال

هل كانت آيات القرآن الكريم التي تنزل لسبب من الأسباب ، وهل كانت تنزل وقت وقوع الحادثة ، أو القصة ، أو وجود السبب ، مباشرة ، أو كانت تتأخر عن ذلك ؟

ملخص الجواب

ملخص الجواب :  ما نزل من القرآن ، لأجل سبب أو حادثة ، قد ينزل وقت السبب ، وقد يتأخر عنه زمنا ، يطول أو يقصر ، كما شاءه الله ، بعلمه ، وحكمته . 

الجواب

الحمد لله.

أولًا:

إن نزول القرآن على نوعين:

الأول: أن لا يكون له سبب مباشر، بل ينزل حسب الحاجة، والمصلحة.

الثاني: أن يقع حدث فينزل قرآن بشأنه، وهذا هو المراد بأسباب النزول.

وهذا الحدث يشمل كل قول، أو فعل، أو سؤال، وقع ممن عاصروا التنزيل، ونزل القرآن بسببه.

ولا بد قبل الإجابة عن هذا السؤال، أن نتعرف على ماهية سبب النزول .

والتعريف المختار لسبب النزول، أنه: " كل قول أو فعل نزل بشأنه قرآن عند وقوعه " .

ينظر: المحرر في أسباب النزول: (1/ 105).

ثانيًا:

بمراجعة مرويات أسباب النزول ، يتبين أنه قد ينزل النص القرآني عقب الحادثة مباشرة، وقد يتأخر النزول عن الحادثة زمنا ما ، يطول أو يقصر ، ثم ينزل بعد ذلك .

1- فمن الآيات التي نزلت مباشرة، ما ثبت في البخاري (2823) ومسلم: (1898) : عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ جَالِسًا فِي المَسْجِدِ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْلَى عَلَيْهِ: لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ [النساء: 95] وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [النساء: 95] "، قَالَ: فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ، وَهُوَ يُمِلُّهَا عَلَيَّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَسْتَطِيعُ الجِهَادَ لَجَاهَدْتُ - وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى - فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنَّ تَرُضَّ فَخِذِي، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ [النساء: 95]. " . وهذا لفظ البخاري .

فيظهر جليًا أن نزول هذه الآية لم يتأخر عن سببه ، بل نزلت الآية في نفس الوقت والحادثة .

2- ومما تأخر نزوله، قصة الإفك، فقد تأخرت الآيات التي نزلت ببراءة أم المؤمنين رضي الله عنها ، شهرا من بدء الإفك ، حتى نزلت . وقد رواها البخاري: (4141)، ومسلم: (2770).

يقول الدكتور خالد المزيني: " وقولي: [أي: في تعريفه الذي نقلناه]، (عند وقوعه) .

وجه التعبير بـ (عند) لأمرين:

الأول: أنها تدل على الزمن.

الثاني: أنها تدل على المقاربة .

... والذي دعاني لاستعمال الظرف الدال على المقاربة دون التحديد أن لديَّ سببين تأخر النزول فيهما ، وهما قصة الإفك في أم المؤمنين - رضي الله عنها - حيث تأخر نزول براءتها شهراً، وقصة كعب بن مالك وصاحبيه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - حيث تخلفوا عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في خروجه إلى غزوة تبوك ، فأرجأ اللَّه التوبة عليهم خمسين ليلةً.

ولو عبرتُ بقولهم: زمن وقوعه، أو أيام وقوعه ، فربما فُهم من هذا : المبادرة والمباشرة ، وهذا ما لا أُريده ولا أَعنيه.

فالمقاربة المستفادة من الظرف : نسبية ؛ فمن الآيات ما قرب نزوله من سببه كثيراً ، ومنها ما بَعُدَ قليلاً ، ومنها ما بين ذلك.

وسأذكر بعض الأمثلة الدالة على التفاوت في زمن النزول على سبيل الاختصار.

فمن الآيات التي نزلت مباشرة: -

1- قوله تعالى: (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) ؛ فما فرغ ابن أم مكتوم من شكايته حتى نزل الوحي، وإن فخذ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على فخذ زيد بن ثابت - رضي الله عنه.

2- آية الروح، فما فرغ اليهود من السؤال حتى نزل قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي).

ومن الآيات التي تأخر نزولها يسيرا:

1- نهي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الصلاة على أحد من المنافقين بعد صلاته على ابن أُبي .

2- قضية نزول الحجاب، ومكثهم في بيت رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتحدثون حتى أحرجوه فأنزل اللَّه الآية.

ومن الآيات التي تأخر نزولها كثيراً: قضية الإفك، وكعب بن مالك وصاحبيه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

ومن الأسباب ما يكون زمن نزوله بين ذلك ، وفق ما تقتضيه الحكمة الإلهية واللَّه أعلم"، انتهى من المحرر في أسباب النزول: (1/ 108 - 109).

 والله أعلم . 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب