الحمد لله.
أولا:
لا حرج في استعمال بطاقة الفيزا المغطاة، أو مسبقة الدفع، ولا حرج في دفع أي رسوم عليها؛ لأنها تعتبر أجرة على الإصدار أو التجديد أو التمكين من الاستخدام، وليست المعاملة قرضا حتى يشترط ألا تزيد الرسوم عى التكلفة الفعلية.
ثانيا:
كون الأجرة التي يأخذها البنك عند استعمال البطاقة في الشراء أو السحب نسبة من المبلغ المحول أو المسحوب، في جوازه خلاف بين الفقهاء، وذلك أنهم اختلفوا في كون الأجرة نسبة، فمنعه الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية، ورأوا أن في ذلك جهالة للأجرة.
وأجاز ذلك الحنابلة والظاهرية وبعض الحنفية والمالكية، قياسا على المساقاة والمزارعة، فإن العامل فيهما يعطى نسبة من الخارج، كالربع أو النصف ، كما عامل النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع . رواه البخاري (2213) ومسلم (1551) واللفظ له .
ولكون الجهالة هنا مآلها للعلم، ولا تفضي للنزاع.
قال ابن قدامة رحمه لله: "... وقد أشار أحمد إلى ما يدل على تشبيهه لمثل هذا بالمزارعة ، فقال : لا بأس بالثوب يدفع بالثلث والربع ؛ لحديث جابر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر على الشطر) وهذا يدل على أنه قد صار في هذا ومثله إلى الجواز ؛ لشبهه بالمساقاة والمزارعة ، لا إلى المضاربة ، ولا إلى الإجارة...
وإن دفع غزلاً إلى رجل ينسجه ثوباً بثلث ثَمنه أو ربعه، جاز. نص عليه.
ولم يجز مالك وأبو حنيفة والشافعي شيئا من ذلك ؛ لأنه عوض مجهول وعمل مجهول . وقد ذكرنا وجه جوازه" انتهى من المغني (5/ 7)، وينظر: المحلى (7/ 25)، المبسوط (15/90)، بدائع الصنائع (4/192)، المعيار المعرب (8/224).
وجاء في المعايير الشرعية ص555 في معيار الأجير الخاص: "يجوز أن تكون الأجرة بجزء شائع مثل 10% من الإنتاج، أو من الشيء المكلف بصنعه".
وجاء فيها: "مستند جواز أن تكون الأجرة بجزء شائع هو أن ذلك معلوم لا يؤدي إلى نزاع وليس فيه غرر" انتهى.
والراجح الجواز؛ لقوة ما استدل به الحنابلة ومن وافقهم.
بل الذي يظهر في مسألتنا أنها لا تدخل في الخلاف السابق؛ لأن النسبة يعلم مقابلها عند العقد بالحساب، فمن حول 100 دفع 3.5، ومن حول مائتين دفع 7، وهكذا، فهي أجرة معلومة عند العقد، وليس مآلها للعلم كما في مسألة من استأجر غيره للحصاد بثلث ما يخرج.
فلا ينبغي أن يختلف في الصورة محل السؤال.
والصواب أن البطاقة المغطاة ليس فيها قرض من البنك للعميل. فلا حرج في زيادة الأجرة على التكلفة الفعلية.
ثالثا:
إذا كانت البطاقة غير مغطاة، فإنها تكيف على أنها قرض من البنك للعميل، ولذا لا يجوز للبنك أن يأخذ من الرسوم إلا قدر التكلفة الفعلية، ولا يجوز أن يأخذ نسبة، لأن النسبة تزيد بزيادة المبلغ، فتكون زيادة مشترطة في القرض، وهذا ربا.
وينظر: سؤال رقم (97530) وفيه قرار مجمع الفقه الإسلامي بهذا الخصوص.
وإنما نبهنا على هذا لأنه قد يظن منع أخذ النسبة مطلقا لهذه العلة.
رابعا:
يجوز التعامل بالبطاقة الثانية، وهي البطاقة المغطاة التي يدفع فيها مبلغ ثابت حوالي 10 يورو عند كل شحن للبطاقة مهما كان المبلغ المشحون، فهذه أجرة على التمكين من استعمال البطاقة.
والخلاصة: لا حرج عليك في التعامل بالبطاقة التي عندك ، أو البطاقة الثانية التي ذكرتها .
والله أعلم.
تعليق