السبت 11 شوّال 1445 - 20 ابريل 2024
العربية

حكم الاقتراض بالربا لسداد الديون .

260376

تاريخ النشر : 17-04-2017

المشاهدات : 36141

السؤال

زوجي وإخوته تنازلوا عن نصيبهم بالميراث لأخيهم الاكبر ، حتى لا تغضب أمهم عليهم ، وبسبب ذلك ترتبت علينا ديون أتعبتنا وأرهقتنا ، ومنعتنا من العيش بكرامة أنا وزوجي وأولادي ، وأصحاب الدَّين رفضوا تقسيطه علينا بشكل ميسر . حاولنا البحث عن أي أحد يسد الدين ونلتزم معه بقسط شهري ، ولم نجد سوى قرض يشترط فواتير ترميم منزل ، وسنتدبر أمر هذه الفواتير مقابل المال ، ونأخذ المبلغ ، ونسدد به ديننا . هل هذا حرام أو حلال ؟ وكيف نحلله ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

ليس للأم أن تجبر أحدا من أولادها على التنازل عن نصيبه من الإرث، ولا تلزمه طاعتها في ذلك، ولا يحل للمتنازَل له أخذ هذا النصيب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ) رواه أحمد ( 20172 ) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459).

ولأن ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام، فكيف بما أخذ بسيف الجبر أو الإكراه.

قال في تحفة المحتاج (6/ 317): " وحيث دلت قرينة أن ما يعطاه إنما هو للحياء : حرم الأخذ، ولم يملكه. قال الغزالي إجماعا" انتهى.

والله تعالى تولى قسمة الميراث بنفسه ، وتوعّد من تعدّى ذلك فقال : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ) النساء/13، 14

فلزوجك وإخوته المطالبة بنصيبهم، والرجوع عن هذا التنازل الذي لم يكن برضاهم.

ثانيا:

لم تبيني لنا صفة هذا القرض ليتم الحكم عليه، والحكم على الشيء فرع عن تصوره .

وقد وقفنا على ما يعطيه البنك العربي الأردني من " قرض تحسين المنزل" وهو قرض ربوي محرم، فإن كان هو المقصود ، فقد علمت حرمته، وإن كان غيره فبينيه.

وكل قرض اشترطت فيه فائدة ، ولو يسيرة : فهو ربا محرم.

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (3/ 241): " وأجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا، ولو كان قبضة من علف - كما قال ابن مسعود - أو حبة واحدة" انتهى.

وإن كان مقصود السؤال : هل يحل هذا القرض الربوي لما ذكرت من وجود الديون التي أرهقتكم وأتعبتكم ؟

فالجواب: أن الربا لا يبيحه إلا الضرورة المحققة.

وقد بينا حد الضرورة التي تبيح الربا في جواب السؤال رقم (165956) وما أحيل عليه فيه.

وحيث أمكنكم أخذ نصيبكم من الميراث وسداد ديونكم، فلا ضرورة حينئذ، والسعي في هذا أولى من التفكير في الحرام.

وإن لم يمكنكم أخذ نصيبكم – ولو بالرجوع إلى القضاء- ولم تجدوا وسيلة لتحصيل المال بطريق مباح، وكان يترتب على عدم سدادكم للديون السجن، فهذه ضرورة تبيح الاقتراض بالربا.

فإن كان لا يترتب على عدم السداد سجن، أو وجدتم وسيلة مباحة لتحصيل المال، فلا ضرورة هنا.

ومن الوسائل المباحة: التورّق، وذلك بشراء سلعة بالتقسيط ، عن طريق البنك ، أو بعض التجار، شراء صحيحا، ثم بيعها في السوق نقدًا ، فتحصلون بذلك على الثمن النقدي للسعلة ، تقضون به دينكم ، ثم تقومون بسداد الأقساط .

وهي معاملة جائزة عند الجمهور، وشرطها أن تبيعوا السلعة بأنفسكم ، لطرف لا علاقة له بالبائع الأول. ولا يجوز توكيل البنك ، أو التاجر الذي باعها لكم ، في بيعها.

وانظري بيان ذلك في جواب السؤال رقم (82612) .

ونوصيكم باللجوء إلى الله تعالى ، والتضرع إليه ، وسؤاله قضاء الدين وتفريج الكرب.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب