الحمد لله.
إذا احتاجت المرأة لعمل كرت الإقامة، ولم يمكنها ذلك إلا بوضع صورتها دون حجاب، فلا حرج فيما ذكرت، من قيام الزوج بتصوير امرأته ، ولو من غير حجاب ، ثم إعطاء الصورة للجهات الرسمية لاستخراج الإقامة ، وبطاقة التأمين .
وأما هل تغطي شعرها بالباروكة ، لتستتر بذلك الستر الذي يمكنها ، أو تكشف شعرها الأصلي ، وتكون الصورة به ؟
الذي يظهر أنه ينظر في ذلك إلى حال المرأة وزينتها ؛ فإن كانت الباروكة على رأسها تزيدها حسنا ، وفتنة : لم يجز أن تلبسها ؛ لأنها تقع بذلك في محظورين : الأول : وصل الشعر المنهي عنه، والثاني : التزين ، أو إبداء ما لا حاجة لإبدائه من الزينة التي يطلع عليها الأجنبي.
وإن كان لبس الباروكة أستر لزينتها وجمالها ، من الصورة بشعرها الطبيعي : جاز لها لبسها ، وكان هذا من الستر الممكن لها ، وإخفاء ما أمكن من زينتها عن الأجانب ، بما قدرت عليه .
وإن تساوى الأمران : لم يجز لها أن تلبس الباروكة ، بل تأخذ الصورة بهيئتها الطبيعية ، بشعرها؛ لأن لبس الباروكة – الذي هو من وصل الشعر المحرم في الأصل - : لم يحصل منه مقصود صحيح ، ولا مصلحة شرعية معتبرة ؛ فبقي على الأصل في المنع منه .
والأصل في ذلك أن الشريعة جاءت بدرء المفاسد وتقليلها، وجلب المصالح وتكميلها، وأنه ترتكب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما، وأن ما حُرم سدا للذريعة أبيح الحاجة.
وكشف العورة إنما حرم سدا لذريعة الفتنة، فإذا وجدت الحاجة الماسة أو المصلحة الراجحة أبيح، ولهذا أبيح كشف الوجه للخاطب، وأبيح كشف العورة للتداوي.
قال ابن القيم رحمه الله: " ما حُرِّم سدا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، كما أبيحت العرايا من ربا الفضل، وكما أبيحت ذوات الأسباب من الصلاة بعد الفجر والعصر، وكما أبيح النظر للخاطب والشاهد والطبيب والمعامل من جملة النظر المحرم، وكذلك تحريم الذهب والحرير على الرجال حرم لسد ذريعة التشبيه بالنساء الملعون فاعله، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة ". انتهى من " إعلام الموقعين" (2/ 161).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وما كان تحريمه تحريم وسيلة فإنه يجوز عند الحاجة " انتهى من " منظومة أصول الفقه " صـ 67.
وعليه فلا حرج في استقدام أهلك، وعمل كارت الإقامة المسئول عنه.
ونسأل الله أن يمكن لعباده المؤمنين، وأن يجعل لهم فرجا ومخرجا.
والله أعلم.
تعليق