السبت 11 شوّال 1445 - 20 ابريل 2024
العربية

له عدة أسئلة عن الرقيق والموالي وحكم تلقيب أسود البشرة بالعبد

261177

تاريخ النشر : 01-04-2018

المشاهدات : 24282

السؤال

أشكل علي فهم الموالي ، ما هو الضابط في إطلاق وصف الموالى : هل كل من أعتق أصبح مولى ، أم لابد من تواجده في بلد المعتق أنا لا أفهم ؟ وهل المولى يعتبر من أهل المعتق له ، ويرثه ، ويأخذ اسمه ، أو اسم قبيلته؟ وهل يكون الموالي من اﻷشراف أو من أهل البيت لهم ما لهم وعليهم ما عليهم مما افترضه لهم من المودة والاحترام وخلافه ؟ وهل يجوز إطلاق وصف عبيد عليهم ، كما يقول السفهاء في وقتنا الحاضر لكل أسود هذا كان عبدنا وخلافه ؟ أرجو أن توضحوا معنى لي الموالي في شريعتنا الغراء .

الجواب

الحمد لله.

أولاً:

المولى يطلق ويراد به معان كثيرة .

قال الجوهري : " والمَوْلى: المُعْتِقُ، والمُعْتَقُ، وابنُ العمّ، والناصرُ، والجارُ " .

انتهى من "الصحاح" (6/2529) .

وقال الفيروزآبادي : "والمَوْلَى: المالِكُ، والعَبْدُ، والمُعْتِقُ، والمُعْتَقُ، والصاحِبُ، والقريبُ كابنِ العَمِّ ونحوِه، والجارُ، والحَليفُ، والابنُ، والعَمُّ، والنَّزيلُ، والشَّريكُ، وابنُ الأُخْتِ، والوَلِيُّ، والرَّبُّ، والناصِرُ، والمُنْعِمُ والمُنْعَمُ عليه، والمُحِبُّ، والتابعُ، والصِّهْرُ" انتهى من "القاموس المحيط" ص(1344) .

وأسئلة السائل تدور حول المولى الذي هو بمعنى العتيق .

ثانيا :

كل من أُعتق فهو مولى ، وللمعتَق أن يتنقل في أي أرض الله حيث شاء ؛ لأنه أصبح حرا ، ولا أمر لسيده السابق عليه .

والعتق سبب من أسباب الإرث ، فمن أعتق عبدا فإنه يرثه في بعض الأحوال ، وأما العتيق فلا يرث من معتِقه أبدا .

قال الرحبي :  

أسباب ميراث الورى ثلاثه ... كل يفيد ربه الوراثه

وهي نكاح وولاء ونسب ... مابعدهن للمواريث سبب

وقال في الوارثين بالتعصيب :

والأخِ وابنِ الأخ والأعمامِ ... والسيدِ المعتِق ذى الإنعامِ .

ثالثا :

العتيق ينسب إلى أبيه وقبيلته ، وينسب إلى قبيلة معتِقه بالولاء ، فيقال : فلان بن فلان مولى بني فلان ، كما هو شائع في كتب التراجم .

فمثلا ‏الليث بن سعد المصري الفهمي‏ ، نسب إلى "بني فهم" لأن معتِقه فهمي‏ . ‏

وكذلك ‏عبد الله بن المبارك المروزي الحنظلي‏ مولاهم‏ ، نُسب إلى "بني الحنظل" وغيرهم كثير .

ولا عيب في ذلك ولا غضاضة ، وقد جاء على الناس زمان ، ورؤوس الناس وعلماؤهم أغلبهم من الموالي .

وكما قال الزهري: "إنما هو أمر الله ودينه ، من حفظه ساد ، ومن ضيعه سقط " .

قال ابن الصلاح :

"وفيما نرويه عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: " لما مات العبادلة صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي ، إلا المدينة ، فإن الله خصها بقرشي، فكان فقيه أهل المدينة سعيد بن المسيب غير مدافع ".

قلت: وفي هذا بعض الميل، فقد كان حينئذ من العرب غير ابن المسيب : فقهاء أئمة مشاهير، منهم الشعبي والنخعي، وجميع الفقهاء السبعة ، الذين منهم ابن المسيب : عرب ، إلا سليمان بن يسار، والله أعلم" انتهى من "مقدمة علوم الحديث" ص(404) .

 رابعا :

يبعد أن يكون في هذا الزمن عبيد من آل البيت ؛ لأن العبودية سببها الأسر في حال الكفر ؛ لكن لو قُدر أن أحدا من بني هاشم نشأ كافرا في بلد كفر ، وتم أسره مع الكفار ، فإنه يكون عبدا كغيره من الكفار إذا وقع في الأسر واستُرقّ ، والعرب والعجم في هذا سواء .

مع أنه تقدير افتراضي محض ، لا واقع له في الناس اليوم .

وقد صح في الحديث الصحيح أن سبيّة من بني تميم َكَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم (أَعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ) رواه البخاري (2543) ، (2525) .

قال ابن بطال "فى هذه الآثار أن النبى، عَلَيْهِ السَّلام، سبى العرب ، واسترقهم ، من هوازن وبني المصطلق وغيرهم، وقال، عَلَيْهِ السَّلام، لعائشة فى السبية التميمية: (أعتقيها، فإنها من ولد إسماعيل) .

فصح بهذا كله : جواز استرقاق العرب ، وتملكهم ، كسائر فرق العجم".

انتهى من "شرح صحيح البخاري" (7/57) .

وقال ابن حجر "وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ : ( ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا ) : دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ فِي صِحَة تَمَلُّكِ الْعَرَبِيِّ ، وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ عِتْقَ مَنْ يُسْتَرَقُّ مِنْهُمْ ، وَلِذَلِكَ قَالَ عُمَرُ : مِنَ الْعَارِ أَن يملك الرجل ابن عَمه ، وَبنت عَمه . حَكَاهُ ابن بطال عَن الْمُهلب " انتهى من "فتح الباري" (5/173) .

فهذا يدل على أن المسبي من ولد إسماعيل : يراعى ، وله منزلة خاصة ، فكيف بمن هو من أرفع منه ، ومن بيت النبوة ؟ لا شك أن ذلك أولى .

مع اعتبار ما سبق : أن هذا افتراض محض ، لا واقع له في الناس اليوم ؛ بل ولا من أزمان .

خامسا :

إذا أعتق العبد : ارتفع عنه وصف العبودية ، وصار حرا .

وأما إطلاق لفظ العبودية على كل أسود : فهو من الجهل المحض ، والجاهلية العمياء ، ومنتقِص غيره بهذه الألفاظ : آثم ، مفتر ، لأنه يسب غيره ، وينسبه إلى العبودية ، وهو منكر ، لو كان صدقا ؛ فكيف إذا جمع مع ذلك الكذب والبهتان ؟!

روى البخاري (30)،ومسلم (1661) عن أَبي ذَرٍّ قَالَ :"سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (يَا أَبَا ذَرٍّ ، أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ)".

قال ابن حجر : "فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ" أَيْ نَسَبْتُهُ إِلَى الْعَارِ ، زَادَ فِي الْأَدَبِ "وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً فَنِلْتُ مِنْهَا" . وَفِي رِوَايَةٍ : "قُلْتُ لَهُ يَا بن السَّوْدَاءِ" .

وَالْأَعْجَمِيُّ : مَنْ لَا يُفْصِحُ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ سَوَاء كَانَ عَرَبِيًّا أَوْ عَجَمِيًّا " انتهى من "فتح الباري" (1/86) .

وما أشد وأفظع أن يكون في المسلم الذي أكرمه الله بالإسلام ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم خصلة من خصال الجاهلية النتنة !

وينظر جواب السؤال:(258177) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب