السبت 11 شوّال 1445 - 20 ابريل 2024
العربية

يتهاون في سفر زوجته وأخواته للسياحة دون محرم وركوبهن مع السائق منفردات.

261388

تاريخ النشر : 22-01-2018

المشاهدات : 14391

السؤال

سؤالي كالتالي : رجل متزوج توفى أبوه ، وتوفيت زوجة الأب أيضاّ ، وتركا أبناءً وبنات كلهم بالغين ، حدث بعد وفاة الزوجة بعض الخلافات بين أخواته وزوجته تسببت في مقاطعة بعضهم البعض ، لكن الرجل قام على رعاية ومتابعة إخوانه وأخواته لأبيه ؛ لتحقيق الأجر والثواب لكافل اليتيم ، وأعانه الله على تزويج البعض منهم ، كان يتعامل معهم بشدة حرص وتحديد البنات ، كان لديه بعض الثوابت والقيم التى يحرص عليها في تربيته ، إلا أنه في الأونة الأخير بدأ يتنازل كثيراً عن معظمها ، ومبرره الثقة الزائدة ، وقد نصحته كثيراً ، ومنها السماح لزوجته وأخواته بالتنقل مع السائق الأجنبي بين مدن المملكة في أوقات مختلفة سواء ليلاً أو نهاراً ، وفي معظم الأحيان تكون المرأة لوحدها مع هذا السائق في الطريق ، يسمح للزوجة أو الأخت أن تبيت خارج المنزل عند قريبة لها أو صديقة ، الأهم من ذلك والأخطر أنه في الآونة الأخيرة ، وبعد أن يسر الله على إحدى أخواته سمح ووافق لأخواته بالسفر خارج المملكة إلى دبي تحديداً ومصر بغرض السياحة فقط لوحدهن دون أي محرم ، وإلى تركيا مع أحد قريباتهن الأكبر سناً بوجود ولدها ، وهو ليس محرما لهن ، نصحته كثيراً في هذه التصرفات والسلوكيات ، إلا إن المبرر كان الثقة فيهن ، وأنهن يتواصلن معه على مدار الساعة ، و يخبرنه بجميع تنقلاتهن وتحركاتهن ، أيضاً موافقته على ذلك خوفه من أن يتصرفن بغير علمه ، كذلك يذكر أن ارتباطاته العملية والإجتماعية ، وأن الناس كلهم يتصرفون أكثر من ذلك ، وغيرها هي سبب السماح لهم بالركوب مع السائق لعدم إمكانية تحقيق طلابتهن لكثرتها ، وهذا واقع كثرة طلابتهم الأساسية وغير أساسية . فآمل توضيح الموقف الشرعي من هذه التصرفات والمبررات التي تدفعه لفعل ذلك .

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا يجوز للمرأة أن تسافر دون محرم؛ لما روى البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ).

وروى البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ ؟ فَقَالَ: اخْرُجْ مَعَهَا).

وقد اتفق الفقهاء على تحريم سفر المرأة دون محرم ؛ إلا في مسائل مستثناة ، منها سفرها للحج الواجب ، ففيه خلاف، فمنهم من جوز سفرها له مع الرفقة المأمونة .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " قال البغوي : لم يختلفوا في أنه ليس للمرأة السفر ، في غير الفرض ، إلا مع زوج أو محرم ؛ إلا كافرة أسلمت في دار الحرب أو أسيرة تخلصت .

وزاد غيره : أو امرأة انقطعت من الرفقة فوجدها رجل مأمون ، فإنه يجوز له أن يصحبها حتى يبلغها الرفقة " انتهى من "فتح الباري" (4/76).

وبهذا يعلم أن سفر المرأة للسياحة دون محرم لا يجوز؛ لأنه لا ضرورة فيه.

وينظر: جواب السؤال رقم (122630).

ثانيا:

لا تجوز خلوة المرأة بأجنبي عنها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ) رواه البخاري (1862) ومسلم (1341)، وقوله: (لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ) رواه الترمذي (1171) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

ونقل النووي رحمه الله في شرح مسلم (14/ 153) إجماع العلماء على تحريم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه. وكذا نقله الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (4/ 77).

والانفراد مع السائق يعتبر خلوة ، ولو كان يسير في طرقات وشوارع مليئة بالناس ؛ فكيف إذا كان يخرج بها خارج المدينة ؟!

وقد تتابعت فتاوى أهل العلم على تحريم الانفراد بالسائق وأنه خلوة .

وينظر جواب السؤال رقم (10374).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: قال رحمه الله: " ولهذا لا يحل لإنسان أن يمكن زوجته أو ابنته من أن تركب مع السائق وحدها؛ لأن هذا من أعظم الخلوة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله في حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين (لا يخلون رجل بامرأة) .

ولا يقال إن هذا ليس بخلوة لأنهم يمشون في السوق، صحيح أنهم يمشون في السوق لكنهم في خلوة؛ لأن هذه السيارة بمنزلة غرفة أو حجرة انفرد بها هذا الرجل بهذه المرأة، فهو يستطيع أن يتكلم معها بما يشاء ، وأن يضحك إليها وتضحك إليه، ويستطيع أن يتفق معها بكل سهولة على أن يخرجا إلى خارج البلد ويصنعا ما أراد .

فالمسألة خطيرة جداً ، سواء قلنا إنها خلوة ، كما هو الذي يتضح لنا ، أو قلنا إنها ليست بخلوة، فإنها تعرض للفتن بلا ريب .

ثم إن بعض الناس يقول: إن زوجتي والحمد لله مأمونة تخاف الله، أو إن ابنتي كذلك مأمونة تخاف الله، وتخشى العواقب في الدنيا والآخرة .

نقول: مهما كان الأمر ؛ فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".

ثالثا:

ينبغي أن يعلم هذا الأخ أنه مسئول أمام الله عن زوجته، وعن أخواته، فليعد للسؤال جوابا.

عَنْ ابْنِ عُمَر رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) رواه البخاري (7138) ومسلم (1829).

وروى البخاري (7151) ومسلم (142) عن مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزنِيَّ رضي الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ).

وكونه مشغولا، أو أن الناس يفعلون ذلك ، أو أكثر منه : ليس عذرا له عند الله .

والأمر لا يعود إلى الثقة في المرأة ، أو الشك في أمرها، بل إلى وجوب التزام أمر الله ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، فيحرم سفر المرأة بلا محرم ، ولو كانت من اتقى الناس.

ثم إن التساهل في هذا الأمر مدعاة للفتنة والفساد، كما هو مشاهد.

والنصيحة له :

أن يتقي الله تعالى، وأن ينصح لرعيته، وأن يجنبهم أسباب الفتنة والشر، وأن يحجزهم عن الحرام، فإنه غدا موقوف مسئول.

نسأل الله أن يحفظنا وسائر المسلمين من كل بلاء وفتنة.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب