الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

هل لها أن تتصدق بنصف مصروفها دون أن تستأذن والدها ؟

261966

تاريخ النشر : 06-03-2018

المشاهدات : 1624

السؤال

لدي سؤالان عن الصدقة ، عمري 19 ، ولا زلت تحت مسؤولية والدي ، أبي يعطيني مصروفا أسبوعياً ، ولا يقول لي كيف علي أن أنفق ذلك المصروف ، لكنه يقول لي : ألا أنفقه على الحلويات والشوكولاتة ، و يقول لي : أن أدخر بعض النقود إن استطعت ، أريد أن أعطي نصف مصروفي للصدقة كل مرة أستلم فيها مصروفي ، لكن لا أدري إن كان يجدر بي أخذ الإذن من والدي ، أيضاً أنا أخاف أن يعترض والدي على ذلك ، ويقول : إن هناك مسلمون آخرون يهتمون بذلك الأمر ، أنا حقاً أريد أن أتبرع ؛ إذ إن وضع المسلمين أصبح لا يطاق ، ولا أستطيع عمل أي شيء ، إذ لا أملك أي مصدر دخل مادي آخر ، أيضاً رأيت أن بعض الجمعيات الخيرية يقبلون المجوهرات الذهبية ، وأود أن أتبرع بمجوهراتي ، لكن والدي سيغضبون مني بشدة ، لكنني لا أقوم إلا بأمر جيد ، أنا مضطربة بشدة لعدد الأيتام والمسلمين الذين أصيبوا بالفاجعة ، ولا أستطيع احتمال البقاء بدون عمل أي شيء ، سأقدر مساعدتكم لي بهذا الشأن كثيراً ، وآمل أن ترشدوني إلى الأفضل .

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الأصل أن المرأة كالرجل، لها ذمتها المالية المستقلة، ولها أن تتصدق دون إذن أبيها أو زوجها.

قال ابن قدامة رحمه الله : " وظاهر كلام الخرقي، أن للمرأة الرشيدة التصرف في مالها كله، بالتبرع ، والمعاوضة. وهذا إحدى الروايتين عن أحمد. وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وابن المنذر.

وعن أحمد رواية أخرى، ليس لها أن تتصرف في مالها بزيادة على الثلث ، بغير عوض، إلا بإذن زوجها. وبه قال مالك ...

ولنا، قوله تعالى: فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم [النساء: 6]. وهو ظاهر في فك الحجر عنهم، وإطلاقهم في التصرف، وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر النساء تصدقن، ولو من حليكن ، وأنهن تصدقن فقبل صدقتهن ولم يسأل ولم يستفصل.

وأتته زينب امرأة عبد الله ، وامرأة أخرى اسمها زينب ، فسألته عن الصدقة، هل يجزيهن أن يتصدقن على أزواجهن، وأيتام لهن؟ فقال: نعم» ولم يذكر لهن هذا الشرط .

ولأن من وجب دفع ماله إليه لرشد، جاز له التصرف فيه من غير إذن ، كالغلام .

ولأن المرأة من أهل التصرف، ولا حق لزوجها في مالها، فلم يملك الحجر عليها في التصرف بجميعه ، كأختها" انتهى من "المغني" (4/ 348).

وهذا فيما ملكته المرأة ملكا تاما.

أما المصروف الذي يعطيه الوالد لابنه أو بنته ، فهو في حكم الهبة المقيدة بصرفه في المصالح والحاجات ، وليس تمليكا تاما .

ولهذا فإن الوالد إذا علم أن بنته تتصدق بهذا المصروف، أو بجزء كبير منه، فربما غضب أو منعها من المصروف؛ لأنه إنما يعطيها لتشتري ما تحتاجه، ولتشعر بالغنى والاكتفاء ونحو ذلك.

والهبة المقيدة : يلزم فيها مراعاة ما قيدت به، سواء كان القيد لفظيا ، أو عرفيا.

جاء في "أسنى المطالب" للشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله (2/ 479):

" (وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ ، وَقَالَ اشْتَرِ لَك) بِهَا (عِمَامَةً ، أَوْ اُدْخُلْ بِهَا الْحَمَّامَ) ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ : (تَعَيَّنَتْ) لِذَلِكَ ؛ مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الدَّافِعِ .

هَذَا (إنْ قَصَدَ سَتْرَ رَأْسِهِ) بِالْعِمَامَةِ ، (وَتَنْظِيفَهُ) بِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ ، لِمَا رَأَى بِهِ مِنْ كَشْفِ الرَّأْسِ ، وَشَعَثِ الْبَدَنِ وَوَسَخِهِ .

(وَإِلَّا) : أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ ، بِأَنْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ ؛ (فَلَا) تَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ ، بَلْ يَمْلِكُهَا ، أَوْ يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ" انتهى.

وقال الشيخ سليمان بن عمر الجمل رحمه الله:

" لَوْ دَفَعَ لَهُ تَمْرًا لِيُفْطِرَ عَلَيْهِ : تَعَيَّنَ لَهُ ، عَلَى مَا يَظْهَرُ ؛ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ ، نَظَرًا لِغَرَضِ الدَّافِعِ " انتهى من "حاشية الجمل على شرح المنهج" (2/ 328).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، في تقرير هذا الأصل :

" والقاعدة عندنا في هذا: أن من أخذ من الناس أموالاً لشيء معين، فإنه لا يصرفها في غيره إلا بعد استئذانهم " انتهى من "اللقاء الشهري" (4/ 9).

وينظر : جواب السؤال رقم : (191708) .

وعليه :

فليس لك أن تتصدقي بنصف المصروف، إلا بإذن والدك .

وينبغي أن تقنعيه بفضل الصدقة، وأنك توفرين من مصروفك ما يكون لك ، وللوالد أيضا : أجرا وذخرا عند الله، فإن قبل فالحمد لله، وإلا فأمسكي مالك.

وقد عرض سؤالك على شيخنا عبد الرحمن بن ناصر البراك حفظه الله ، فقال: "لا ينبغي لها أن تفعل دون أن تستأذنه" انتهى.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الاسلام سؤال وجواب