السبت 11 شوّال 1445 - 20 ابريل 2024
العربية

تفسير مقاتل بن سليمان .

263369

تاريخ النشر : 15-07-2017

المشاهدات : 39206

السؤال

كيف يأخذ العلماء بتفسير مقاتل بن سليمان ، وخاصة ما يقول البعض عنه أنه مجسّم ؟

الجواب

الحمد لله.

أولًا:

مقاتل بن سليمان البلخي، أبو الحسن، من كبار المفسرين .

وقد فرق العلماء بين كلامه في التفسير، وروايته للحديث، فإن روايته في الحديث لا تقبل، إذ أجمعوا على تركه .

وأما في التفسير، فقد أثنى عليه غير واحد، حتى قال الشافعي: "إن الناس عيال على مقاتل في التفسير" ، وقال: " من أراد التفسير فعليه بمقاتل بْن سُلَيْمان "، وقال إبراهيم الحربي: "وإنما جمع مقاتل تفسير الناس ، وفسر عليه ، من غير سماع.

ولو أن رجلا جمع تفسير معمر عن قتادة، وشيبان عن قتادة ، كان يُحسن أن يفسر عليه.

قال إبراهيم: لم أدخل في تفسيري منه شيئا.

قال إبراهيم: تفسير الكلبي مثل تفسير مقاتل سواء" .
انظر في ترجمته: تهذيب الكمال: (28/ 434)، وسير أعلام النبلاء: (7/ 201)، ودراسة الدكتور عبدالله شحاته لتفسير مقاتل المطبوعة مع الكتاب .

يقول الدكتور عبد الله شحاته: " ونلاحظ أن الثناء على مقاتل يتجه إلى تفسيره للقرآن الكريم، وأحيانا إلى علمه وشخصه.

أما في الحديث فمقاتل متهم غير موثوق به عند أئمة الحديث، رغم أنه قد مر بنا ثناء بعض الأئمة على مقاتل، كالإمام الشافعي وعباد بن كثير، وحماد بن أبى حنيفة، وشعبة، ومقاتل بن حيان، وغيرهم.

غير أن هذا الثناء على مقاتل ليس معناه توثيق مقاتل، بل هو مدح لعلمه ولشخصه، من غير توثيق له- وهناك فرق بين مدحهم للشخص، وقولهم : إنه ثقة.

أما أئمة الحديث ونقاده، فقد اتهموا مقاتلا بالكذب، ومنهم يحيى بن معين، ومحمد بن سعد، والبخاري، والنسائي، وابن حبان" تفسير مقاتل: (5/ 52).

ثانيًا:

ألَّف مقاتل تفسيرًا للقرآن، وكان طريقته في التأليف أنه ذكر من سيروي عنهم التفسير، ثمَّ سرده بدون إسناد، ولا نسبة الأقوال إلى قائليها.

وتفسيره للقرآن كامل، اعتنى فيه ببيان القرآن بالقرآن، وبذكر أسباب النزول، كما اعتنى ببيان المبهمات، وغيرها من علوم القرآن .

وطبع هذا التفسير بمصر بتحقيق الدكتور عبدالله شحاته رحمه الله، وقدم له بذكر تاريخ التفسير، ودراسة خاصة عن مقاتل وتفسيره .

قال في دراسته: " وتفسير مقاتل يتميز بالبساطة والسهولة، والإحاطة التامة بمعاني الآيات ونظائرها في القرآن، وما يتعلق بها في السنة.

إنه أشبه بالسهل الممتنع.

وفى رأيي: أن تفسير مقاتل لا نظير له في بابه، من جهة الإحاطة بالمعنى ، في عبارة سهلة محدودة، ثم اختيار أقوى الآراء في الآية ، وأولاها ، بدون سرد للخلاف" (5/ 57).

ويقول الشيخ الذهبي رحمه الله عن التفاسير التي اتهم أصحابها بمقالات، أو بالوضع، ونحو ذلك: " ثم إن هذا التفسير الموضوع، لو نظرنا إليه من ناحيته الذاتية بصرف النظر عن ناحيته الإسنادية، لوجدنا أنه لا يخلو من قيمته العلمية، لأنه مهما كثر الوضع في التفسير ، فإن الوضع ينصب على الرواية نفسها، أما التفسير في حد ذاته : فليس دائماً أمراً خيالياً بعيداً عن الآية، وإنما هو - في كثير من الأحيان - نتيجة اجتهاد علمي له قيمته .

فمثلاً مَنْ يضع في التفسير شيئاً ، وينسبه إلى علىّ أو إلى ابن عباس، لا يضعه على أنه مجرد قول يلقيه على عواهنه، وإنما هو رأى له، واجتهاد منه في تفسير الآية، بناه على تفكيره الشخصي، وكثيراً ما يكون صحيحاً، غاية الأمر أنه أراد لرأيه رواجاً وقبولاً، فنسبه إلى مَنْ نُسِب إليه من الصحابة.

ثم إن هذا التفسير المنسوب إلى علىّ أو ابن عباس : لم يفقد شيئاً من قيمته العلمية غالباً، وإنما الشيء الذى لا قيمة له فيه ، هو نسبته إلى علىّ أو ابن عباس.

فالموضوع من التفسير - والحق يقال - لم يكن مجرد خيال ، أو وهم خُلِق خلقاً، بل له أساس ما، يهم الناظر في التفسير درسه وبحثه، وله قيمته الذاتية ، وإن لم يكن له قيمته الإسنادية " .  التفسير والمفسرون: (1/ 120).

وعليه؛ فإن الاستفادة من تفسير مقاتل ممكنة متحققة، ولا زال أهل العلم بالتفسير يستفيدون من تفسيره، وينقلون أقواله .

ثالثًا:

سبق تحقيق القول في نسبة مقاتل بن سليمان إلى التشبيه، مفصلاً في جواب السؤال رقم (276709) . فليراجع للأهمية .
وخلاصة القول في ذلك : التوقف في نسبة التشبيه إلى مقاتل بن سليمان، لأن ذلك غير ظاهر في كتبه التي بأيدينا، وعليه ؛ فلا مانع من الاستفادة من تفسيره للقرآن . 


 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الاسلام سؤال وجواب