الخميس 16 شوّال 1445 - 25 ابريل 2024
العربية

حول سبيل الازدياد من الحور العين في الجنة ، وسبل ذلك ، وهل كظم الغيظ من هذه السبل؟

265455

تاريخ النشر : 15-05-2017

المشاهدات : 17738

السؤال

كيف بالإمكان الفوز بأقصى عدد من الزوجات (الحور العين) في الجنة وبقدر المستطاع ؟ وهل كظم الغيظ يزيد عدد الزوجات( الحور العين) في كل مرة يكظم أحد غيظه ؟ هل هناك أعمال أخرى التي تزيد الزوجات (الحور العين) في الجنة؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

اعلم أخي الكريم أن الجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وكما قال الله تعالى :" يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " الزخرف/71 .

فالجنة : لا هم فيها ، ولا حزن . ولا نصب فيها ولا صب . والعطاء فيها : حتى الرضى .

روى مسلم (189) في صحيحه ، من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ ، مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً ، قَالَ: هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ ، كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ ، وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ ، فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ ، فَيَقُولُ: لَكَ ذَلِكَ ، وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ ، فَقَالَ فِي الْخَامِسَةِ: رَضِيتُ رَبِّ ، فَيَقُولُ: هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ ، وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ ، وَلَذَّتْ عَيْنُكَ ، فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ ، قَالَ: رَبِّ ، فَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي ، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا ، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ "، قَالَ: وَمِصْدَاقُهُ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: " فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السجدة: 17] الْآيَةَ ".

لذا على العبد المسلم أن يهتم بالعمل الصالح ، وليعلم أن الله سيرضيه في جنات النعيم .

ثانيا :

وأما ما سأل عنه الأخ الكريم ، حول الحور العين في الجنة : فلا شك أن ذلك من النعيم الذي أعده الله للمؤمنين في جنات النعيم ، حيث قال سبحانه :" إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54) الدخان/51-54 .

ووصفهن فقال :" وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23). الواقعة/22-23 .

وأما أعدادهن للعبد المؤمن في الجنة: فقد جاء في بعض الأحاديث: أن المؤمن في الجنة زوجتين. وهذا الحديث أخرجه البخاري (3246) ، ومسلم (2834) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ ، وَالَّذِينَ عَلَى إِثْرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً ، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ لَحْمِهَا مِنَ الحُسْنِ ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا ، لاَ يَسْقَمُونَ ، وَلاَ يَمْتَخِطُونَ ، وَلاَ يَبْصُقُونَ ، آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ وَالفِضَّةُ ، وَأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ ، وَوَقُودُ مَجَامِرِهِمْ الأَلُوَّةُ ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ ".

وقد قيل : إن المقصود بالزوجتان هنا : أي من أهل الدنيا ، وهذا ما رجحه ابن حجر في "الفتح" (6/325) :" قَوْلُهُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ أَيْ مِنْ نِسَاءِ الدُّنْيَا". انتهى .

أما من الحور العين فعددهن على التحديد لا يعلمه إلا الله ، فقد جاء في البخاري (4879) ، ومسلم (2838) عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ فِي الجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ ، عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلًا ، فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ ، يَطُوفُ عَلَيْهِمُ المُؤْمِنُونَ ، وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا ، وَجَنَّتَانِ مِنْ كَذَا ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ القَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ.

قال ابن القيم في "حادي الأرواح" (ص232) :" ولا ريب أن للمؤمن في الجنة أكثر من اثنتين لما في الصحيحين من حديث أبي عمران الجوني عن أبي بكر عن عبد الله بن قيس عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن للعبد المؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤ مجوفة طولها ستون ميلا، للعبد المؤمن فيها أهلون فيطوف عليهم لا يرى بعضهم بعضا ".انتهى .

وقال العراقي في "طرح التثريب" (8/270) :" قَدْ تَبَيَّنَّ بِبَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ الزَّوْجَتَيْنِ : أَقَلُّ مَا يَكُونُ لِسَاكِنِ الْجَنَّةِ مِنْ نِسَاءِ الدُّنْيَا . وَأَنَّ أَقَلَّ مَا يَكُونُ لَهُ مِنْ الْحَوَرِ الْعِينِ سَبْعُونَ زَوْجَةً. وَأَمَّا أَكْثَرُ ذَلِكَ فَلَا حَصْرَ لَهُ . .." انتهى .

وينظر جواب السؤال رقم (173281) ورقم (257509).

ثالثا :

وأما ما ورد في السؤال عن كظم الغيظ ، وهل يزيد في عدد الحور العين؟

فالجواب : نعم ، قد ورد عند الإمام أحمد في المسند (15637) ، والترمذي في سننه (2021) ، وأبي داود في سننه (4777) ، وابن ماجه في سننه (4186) من حديث  مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ:" مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَفِّذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الخَلاَئِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ الحُورِ شَاءَ ".

والحديث : حسنه الألباني في "صحيح أبي داود" ، والأرناؤوط في تعليقه على "سنن ابن ماجه".

وأما قول السائل : هل هناك أعمال تزيد من عدد الحور العين ؟

فالجواب : أنه قد ثبت في السنة الجزاء على بعض الأعمال بأعداد معينة من الحور العين .

ومن ذلك : الشهادة في سبيل الله ، حيث روى الترمذي في سننه (1633) عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ سِتُّ خِصَالٍ: يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ ، وَيَأْمَنُ مِنَ الفَزَعِ الأَكْبَرِ ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الوَقَارِ ، اليَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الحُورِ العِينِ ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ ". وحسن إسناده ابن حجر في "الفتح" (6/16) ، وصححه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (3213).

وبعد ؛ فالذي ينبغي للعبد : أن يحرص على الاجتهاد والعمل والصبر ، وأن يكون القصد والهم مرضاة رب العالمين ، وليعلم أن أعظم النعيم هو رؤية وجه الله الكريم ، فنظرة لوجهه سبحانه تنسي نعيم الجنة ، رزقنا الله وإياكم رؤية وجهه الكريم في جنان الخلد على سرر متقابلين ، آمين .

والله أعلم . 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب