الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

هل من العدل أن يشترك الزوجتان في الثمن وإحداهما لها أولاد دون الأخرى

266636

تاريخ النشر : 30-04-2017

المشاهدات : 42111

السؤال

توفي زوجٌ ينتمي إلى المذهب الجعفري وترك زوجتين حيث تنتمي إحدى هاتين الزوجتين إلى المذهب الجعفري ولديها ابنتان وابن. وتنتمي الزوجة الأخرى إلى المذهب الحنفي وليس لديها أطفال. وسؤالي عن الميراث. سوف يحصل الطفلان على نصيبهما وأمهما سوف تحصل على الثمن الذي يجب عليها أن تتشاركه مع الزوجة الأخرى التي ستحصل في النهاية على 1/16 من نصيب الميراث في حين أنه ليس لديها أطفال وليس لديها أحد تهتم به. فهل هذا عدل وأمر طبيعي؟

الجواب

الحمد لله.

إذا مات الرجل وترك زوجتين، وابنا وبنتين، فإن تركته تقسم كما يلي:

للزوجتين الثمن معا؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12

والباقي لأولاده، للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/11

فتشترك الزوجتان في الثمن، ولا يلتفت لكون إحداهما لها أولاد، والثانية ليس لها أولاد .

فالعدل في ميراث الزوجتين : أن تكون الزوجة كالزوجة، لا تفضّل عليها، فلا فرق بين الجميلة والقبيحة، والنسيبة والوضيعة ، والغنية والفقيرة ، وذات الولد ومن لا تلد .

وهذا من عدل الله تعالى وحكمته، وقد تولى سبحانه قسم الميراث بنفسه، فحدد نصيب الزوجة في حال وجود الفرع الوارث، وبين اشتراك الزوجات في هذا النصيب ولهذا قال: (فَلَهُنَّ الثُّمُنُ) .

وقد قال تعالى : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) الأنعام/115

وقال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل/90

وإذا لم يثبت في قلب العبد المؤمن إيمان لا يخالطه ريب ، ويقين لا يخالطه شك : بعدل الله التام المطلق ، في حكمه وأمره ، وقضائه وقدره ، وأنه العليم الحكيم سبحانه : فماذا بقي له من إيمانه برب العالمين ؟!

وقد كان معاذ بن جبل رضي الله عنه : لَا يَجْلِسُ مَجْلِسًا لِلذِّكْرِ حِينَ يَجْلِسُ إِلَّا قَالَ:

اللَّهُ حَكَمٌ قِسْطٌ ؛ هَلَكَ الْمُرْتَابُونَ !!

رواه أبو داود (4611) وصححه الألباني .

وكأن السائل يلمح إلى أن ذات الأولاد ينبغي أن تأخذ أكثر لأنها ستهتم بأولادها ؟!

فيقال: إن أولادها سيكون لهم نصيبهم من التركة، وفي هذه الحالة لا يجب عليها أن تنفق عليهم من مالها، بل تنفق عليهم من مالهم هم .

وأما كون الزوج جعفريا، والزوجة سنية، فما دام الزوج قد مات ، وهو على نكاحه من هذه المرأة السنية ، وكانا يعتقدان صحة هذا النكاح ، ولم يحكم القاضي بفسخه ، ولا التفريق بينهما : فإن جميع الأحكام المتعلقة بذلك ، من العدة والنسب والميراث ، تثبت بهذا النكاح ، كما تثبت بالنكاح الصحيح .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" ثبوت النسب لا يفتقر إلى صحة النكاح في نفس الأمر ؛ بل الولد للفراش ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) .

فمن طلق امرأته ثلاثا ، ووطئها ، يعتقد أنه لم يقع به الطلاق : إما لجهله ، وإما لفتوى مفتٍ مخطئ قلَّده الزوج ، وإما لغير ذلك : فإنه يلحقه النسب ، ويتوارثان بالاتفاق .

ومن نكح امرأةً نكاحاً فاسداً ، متفقاً على فساده ، أو مختلفاً في فساده ، أو وطئها يعتقدها زوجته الحرة : فإن ولده منها يلحقه نسبه ، ويتوارثان باتفاق المسلمين ...

وبهذا قضى الخلفاء الراشدون ، واتفق عليه أئمة المسلمين ...

هذا في المجمع على فساده ، فكيف في المختلف في فساده !" انتهى من " مجموع الفتاوى " (34/ 14).

وينظر: "فتاوى الرملي" (2/244) .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب