الحمد لله.
قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم: (خلقتك) بالتاء من غير ألف. وقرأ: حمزة، والكسائي: (خلقناك) بالنون والألف.
انظر: "السبعة" ص 408، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 195، "التبصرة" ص 255، "النشر" 2/ 317.
وكلاهما يدلان على " الله " تبارك وتعالى .
فأما الأولى فلا خلاف عليها .
وأما الثانية فهو أسلوب من أساليب العرب، والمراد منه التعظيم، والتعظيم للرب سبحانه وتعالى لأنه المستحق للعظمة التامة الكاملة .
فمجيء النون والألف : لأن فيه الفخامة والتعظيم لاسم الله - عز وجل - وله المثل الأعلى.
قال البغوي: " قرأ حمزة والكسائي "خلقناك" بالنون والألف على التعظيم "، تفسير البغوي: (5/ 220) .
وقال ابن تيمية: " وأما قوله: نتلوا، و نقص ونحوه؛ فهذه الصيغة في كلام العرب للواحد العظيم؛ الذي له أعوان يطيعونه ، فإذا فعل أعوانه فعلا بأمره، قال: نحن فعلنا. كما يقول الملك: نحن فتحنا هذا البلد. وهو منا هذا الجيش ، ونحو ذلك "، مجموع الفتاوى: (5/ 128)، وانظر: مجموع الفتاوى: (5/ 233) .
قال العكبري: " النون من حروف الزيادة، لشبهها بالواو، وقد زيدت أولًا للمضارعة نحو نذهب .
وتدل على المتكلم ومن معه اثنين كانوا أو جماعة .
وتكون للواحد العظيم، لأن الآمر إذا كان مطاعا توبع على الفعل " . انتهى، من "اللباب في علل البناء والإعراب" (2/ 260).
ثانيا :
ليس في قراءة الكلمة ، على أي من الوجهين : مخالفة لما كتب به المصحف العثماني ، بل الكتابة واحدة ، وإن اختلفت طريقة الأداء .
وليس هناك ، إشكال أيضا في هذا اللون من الخلاف في قراءة الآية .
قال الإمام الواحدي رحمه الله :
" وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ يحيى. قرئ: خلقناك ، لكثرة ما جاء من لفظ الخلق ، مضافا إلى لفظ الجمع ، كقوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ [الحجر: 26]، في مواضع ، وقوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ [الأعراف: 11] .
ولغة الجمع : قد جاء بعد لفظ الإفراد ، كقوله: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى [الإسراء: 1]، ثم قال: وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ [الإسراء: 2].
واختار أبو عبيد التاء؛ لأنها تشاكل الياء في: عَلَيَّ هَيِّنُ .
وقال أحمد بن يحيى [ ثعلب ] : الاختيار : النون والألف؛ لأن فيه زيادة حرف ، وبكل حرف عشر حسنات .
والقراءة غير مخالفة خط المصحف؛ لأنهم يسقطون الألف من الهجاء في مثل هذا البناء .
ولأن فيه الفخامة والتعظيم لاسم الله -عز وجل- ، وله المثل الأعلى. " انتهى، من "التفسير البسيط" (14/203) .
وينظر جواب السؤال رقم (266107).
والله أعلم
تعليق