الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

اشتراط الشركة في القرض وحكم أخذ المضارب راتبا.

270994

تاريخ النشر : 17-02-2018

المشاهدات : 3874

السؤال

قبل خمس سنوات أعطيت لشخص مالا 100000 على أن يتاجر بهذا المال ، والربح بيننا ، واعتبرت هذا كالمضاربة ، لا يضمن إن خسر ، ثم بعد أشهر أعطيته 10000 لكن كالقرض ، يضمن على كل حال لنفس العمل في شركتنا ، فهل يجوز ذلك ؟ ثم بعد ذلك ادعى صاحبي بأنه لا يربح ، وحقيقة أنا ما استفدت شيئا ، مع أن صاحبي ـ العامل ـ كان يأخذ راتبا على عمله في شركتنا ، وقد سمعت بأن هذا لا يجوز ، وعندما ادعى العامل الإفلاس اقترحت له أن نبيع السلع وننهي شركتنا ، ولكنه رفض ذلك قائلا : ليس عندي السلع للبيع ، الآن هو يريد أن يرجع لي القرض ورأس المال في المضاربة مقسطا ، فهل يجوز لي أن آخذ منه هذا المال ، وهو : المال ألذي أعطيته للمضاربة ، المال الذي أعطيته كالقرض ؟ وهل يجوز لي أن أطلب منه تعويضا على الرواتب التي كان يأخذها ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا أقرضت صاحبك، ولم تشترط عليه الدخول بهذا المال في الشركة، فلا حرج في ذلك، ثم إن أراد المشاركة بها، واتفقتما على ذلك، فلا حرج أيضا.

وإن أقرضته على أن يشارك به، فهذا محل خلاف بين الفقهاء.

وقد اتفق الفقهاء على منع اشتراط شيء من عقود المعاوضة كالبيع في القرض؛ عملا بحديث عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنُ وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ) رواه الترمذي (1234) ، وأبو داود (3504) ، والنسائي (4611) ، وصححه الترمذي والألباني.

واختلفوا في الشركة، لأنها ليست من عقود المعاوضة، بل هي مشاركة في الربح.

فأجاز ذلك الحنفية ، والجمهور على المنع منه :

قال السرخسي رحمه الله: " لو دفع ألف درهم إلى رجل على أن يكون نصفها قرضا عليه ، ويعمل في النصف الآخر بشركته : يجوز ذلك " انتهى من " المبسوط" (12/ 114).

وقال ابن قدامة رحمه الله: " قال: ولو قال: أقرضني ألفا ، وادفع إليّ أرضك أزرعها بالثلث كان خبيثا.

والأولى : جواز ذلك إذا لم يكن مشروطا؛ لأن الحاجة داعية إليه، والمستقرض إنما يقصد نفع نفسه، وإنما يحصل انتفاع المقرض ضمنا ، فأشبه أخذ السفتجة به ، وإيفاءه في بلد آخر .

ولأنه مصلحة لهما جميعا ، فأشبه ما ذكرنا " انتهى من "المغني" (4/ 394).

قال الدكتور عبد الله العمراني في "العقود المالية المركبة" ص 96: "وأما اشتراط عقد ليس عقد معاوضة، والمقصود منه الربح كالشركة والمضاربة مع عقد القرض، فقد اختلف فيه الفقهاء، والذي يظهر جوازه ، ما لم يؤد إلى زيادة في مقابل القرض" انتهى.

ثانيا:

لا يجوز أن يكون لعامل المضاربة راتب، ولا أي مبلغ مقطوع، وليس له إلا نسبته من الربح التي يأخذها مقابل عمله، فإن اشترط ذلك، بطلت المضاربة.

قال ابن قدامة رحمه الله: "(ولا يجوز أن يجعل لأحد من الشركاء فضل دراهم) .

وجملته : أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة ، أو جعل مع نصيبه دراهم ، مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم ، بطلت الشركة.

قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما ، أو كلاهما ، لنفسه ، دراهم معلومة" انتهى من "المغني" (5/ 23).

وإذا بطلت المضاربة، فإن لعامل المضاربة ربح المثل، على الراجح ؛ وهو السهم الذي يأخذه مثله ، عادة ، من الأرباح ، في مثل هذا النوع من المضاربات ، مثل : نصف الربح ، أو أكثر أو أقل .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" الصواب أنه يجب في المضاربة الفاسدة : رِبْح المثل ، لا أجرة المثل .

فيعطى العامل ما جرت به العادة أن يعطاه مثله من الربح : إما نصفه، وإما ثلثه، وإما ثلثاه " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (20 / 509) . 

وينظر: السؤال رقم : (239294) .

ثالثا:

إذا وقعت الخسارة بغير تفريط أو تعد من المضارب، فلا شيء عليه، والخسارة على رب المال.

وإن تعدى أو فرط : ضمن .

ويُرجع في معرفة التعدي والتفريط ، إن التبس الأمر : إلى أهل الخبرة.

وعليه : فلك أن تطالبه بالقرض؛ لأنه مضمون عليه شرعا.

وأما رأس مال المضاربة ، ففيه التفصيل السابق، فإن لم يكن منه تعد أو تفريط ، فليس لك مطالبته بما خسره ، أو نقص منه . وإنما لك ما تبقى منه . وإن كان تعدى أو فرط : ضمنه جميعه .

رابعا:

الراتب الذي أخذه : يلزمه رده، لأننا قدمنا أنه عند بطلان المضاربة يكون للعامل ربح المثل، وحيث إنه لا ربح ، فلا شيء له، فيلزمه رد ما أخذ من الرواتب.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب