الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

قصة المرأة التي جاءت تشتكي زوجها لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كثرة الضيوف ، وعن قوله :" الضيف ينزل برزقه ".

271842

تاريخ النشر : 13-01-2018

المشاهدات : 384876

السؤال

ما صحة الحديث التالي ؟ " ذهبت إمرأة تشتكي عند رسول الله صل الله عليه وآله وسلم من زوجها ، كان زوجها يدعو الناس في بيتها ، ويكرمهم ، وكثرة الضيوف سبب لها المشقة والتعب ، فخرجت من عند رسول الله ولم تجد الجواب منه ، وبعد فترة ذهب رسول الله إلى زوجها ، وقال له : إني ضيف في بيتك اليوم ، سعد الزوج بالخبر ، وذهب إلى زوجته ، وأخبرها أن ضيفا عندنا اليوم وهو : رسول الله ، سعدت الزوجة بالخبر ، وطبخت كل ما لذ وطاب ، وهي راضية ، ومن طيب خاطرها ، وعندما ذهب رسول الله إليهم ، ونال كرمهم ، وطيبة ورضى الزوجة ، قال للزوج : عندما أخرج من بيتك دع زوجتك تنظر إلى الباب الذي أخرج منه ، فنظرت الزوجة إلى رسول الله وهو يخرج من بيتها والدواب والعقارب وكل ضرر يخرج وراء رسول الله ، فصعقت الزوجة من شدة الموقف ، وتعجبت مما رآت ، فقال لها رسول الله : هكذا دائما عندما يخرج الضيوف من بيتكِ يخرج كل البلاء والضرر والدواب من منزلكِ . فهنا الحكمة من إكرام الضيف وعدم الضجر، فالبيت الذي يكثر فيه الضيوف بيت يحبه الله ، فما أجمل البيت المفتوح للصغير والكبير، بيت تتنزل فيه رحمات وبركات السماء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أراد الله بقوم خيراً أهدى لهم هدية) ، قالوا: وما تلك الهدية؟ قال: (الضيف ينزل برزقه ، ويرتحل بذنوب أهل البيت )، فيا أحبتي الضيف دليل الجنة ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ) إذا اعجبك المنشور صل على سيدنا محمد وآله وصحبه .

ملخص الجواب

القصة المذكورة لا أصل لها ، والحديث الذي ختم به القصة لا يصح

الجواب

الحمد لله.

أولا :

هذه القصة التي ذكرها السائل الكريم ليس لها إسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم نقف على أحد من أهل العلم ذكرها قط ، وغالب الظن أنها من أكاذيب القصاص .

وأما الحديث الذي ختم به القصة وهو قوله :" إذا أراد الله بقوم خيرا ، أهدى إليهم هدية . قالوا: يا رسول الله ، وما تلك الهدية؟ قال: الضيف ؛ ينزل برزقه ، ويرحل ؛ وقد غفر الله لأهل المنزل ".

فإنه حديث ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .

والحديث يروى عن أربعة من الصحابة ، ولا يصح عن واحد منهم ، وبيان ذلك كما يلي :

الأول : من حديث أبي قرصافة رضي الله عنه .

أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1723) ، وأبو الشيخ في "الثواب" كما في "المداوي لعلل الجامع الصغير" للمناوي (1/357) من طريق مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْدَانَ ، قال ثنا أَيُّوبُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْهَيْصَمِ ، ثنا زِيَادُ بْنُ سَيَّارٍ ، عَن عزة بنت أَبِي قِرْصَافَةَ ، عن أبي قرصافة ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً . قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَا تِلْكَ الْهَدِيَّةُ؟ قَالَ: بِضَيْفٍ يَنْزِلُ بِهِ بِرِزْقِهِ ، وَيَرْحَلُ وَقَدْ غُفِرَ لِأَهْلِ الْمَنْزِلِ ) .

وإسناده ضعيف جدا ، مسلسل بالمجاهيل .

فيه " عزة بنت أبي قرصافة " ، وهي " عزة بنت عياض بن أبي قرصافة ، مجهولة الحال ، ذكرها ابن نقطة في "تكملة الإكمال" (4/157) ، ولم يوثقها أحد .

والراوي عنها " زياد بن سيار " : ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" (1205) ، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/534) ، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا .

والراوي عنه " أيوب بن علي بن الهيصم " : مجهول أيضا ، سُئل أبو حاتم عنه فقال :" شيخ " . كذا في "الجرح والتعديل" (2/252) .

وهذا الطريق ضعفه الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (2117) .

الثاني : من حديث أنس رضي الله عنه .

أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" ، ونقل إسناده الغماري في "المداوي لعلل الجامع الصغير" (1/357) فقال : قال الديلمي : أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد الحافظ كتابة ، أخبرنا أبو عثمان الصابونى ، ثنا عبد اللَّه بن حامد ، أنا ابن بلال البزاز ، ثنا سحفويه بن ماربار ، ثنا معروف بن حسان ، ثنا زياد الأعلم ، عن الحسن ، عن أنس به .

وإسناده منكر .

فيه " معروف بن حسان " ، قال أبو حاتم :" مجهول " كما في "الجرح والتعديل" (8/323) ، وقال ابن عدي في "الكامل" (1805) :" منكر الحديث ". انتهى

وفيه كذلك " سحفويه بن ماربار " ، لم نقف له على ترجمة .

وهذا الطريق ضعفه السخاوي في "المقاصد الحسنة" (62) .

الثالث : من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه .

أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" ، ونقله عنه بإسناده الغماري في "المداوي لعلل الجامع الصغير" (1/357) فقال : قال الديلمي : أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن زنجويه الزنجانى المعروف بالزنجوى ، عن القاضي أبي عبد اللَّه الحسين بن محمد الزنجانى الفلالى ، عن إبراهيم بن عبد اللَّه البصرى الحافظ ، عن عبد الرحمن بن عمران العبدى ، عن إسحاق بن إبراهم بن خنيس ، عن محمد بن الفرات ، عن سعيد بن نعمان ، عن عبد الرحمن الأنصاري ، عن أبي الدرداء به .

وإسناده موضوع .

فيه " سعيد بن نعمان " ، ويقال : " سعيد بن لقمان " ، ترجم له ابن حجر في "لسان الميزان" (3475) ، وقال :" قال الأزدي: لاَ يُحْتَجُّ بحديثه ". انتهى

وفيه " محمد بن الفرات " ، كذاب ، قال ابن أبي شيبة :" كذاب " كذا في "الكامل" لابن عدي (7/315) ، وقال البخاري في "الضعفاء الصغير" (339) :" منكر الحديث ". انتهى ، وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (4/964) :" وهو واه باتفاق ". انتهى

الرابع : من حديث أبي ذر رضي الله عنه :

أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" ، ونقله عنه بإسناده الغماري في "المداوي لعلل الجامع الصغير" (1/357) فقال : قال الديلمي : ثنا محمد بن نصر بن أشكاب ، عن الحسين بن محمد بن أسد ، عن منصور ابن أسد ، عن أحمد بن عبد اللَّه ، عن إسحاق بن نجيح ، عن عطاء الخراساني ، عن أبي ذر رضي الله عنه به .

وإسناده تالف .

فيه " إسحاق بن نجيح الملطي " ، كذاب

قال أحمد بن حنبل :" هُوَ من أكذب النَّاس ". انتهى من "العلل" للإمام أحمد (1454) ، وقال ابن معين كما "تاريخ ابن معين – رواية ابن محرز" (1/51) :" كذاب عدو لله رجل سوء خبيث ". انتهى

وختاما : مما سبق يتبين أن القصة المذكورة لا أصل لها ، والحديث الذي ختم به القصة لا يصح ، والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب