الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

هل يجوز إعطاء مقاطع لداعية عنده بدعة، للنصارى لدعوتهم إلى الإسلام؟

274224

تاريخ النشر : 24-02-2018

المشاهدات : 1656

السؤال

أتكلم كثيرا مع غير مسلمين في أمور الدعوة ، وفي الغالب يكونون نصارى ، وهناك مقطع فيديو لقصة إسلام واعظ سابق أسلم ، وهو رجل أمريكي ، له روح مرحة ، وأصبح شيخا الآن ، وأنا أرسل المقطع إلي النصاري حتي أبين لهم دخول غيرهم من النصاري للإسلام وخاصة رجال الكنيسة السابقين ، ولكن المشكلة أن الرجل لديه بدع ( يقول : إن القرآن الذين بأيدينا ليس القرآن إنما هو مصحف ، فهل أستمر في إرسال المقطع للنصاري ؛ لتشجيعهم لدخول الإسلام أم أتوقف لبدعة الشيخ ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

القول بأن المكتوب في المصحف ليس قرآنا، وإنما هو حكاية أو عبارة عن القرآن ، قول مخالف لما أجمع عليه السلف والأئمة ، من أن القرآن حيثما تصرّف فهو كلام الله، سواء تلي باللسان، أو كتب في المصاحف، أو حفظ في الصدور، وأن كلام الله تعالى هو هذا الكلام اللفظي من الآيات والسور، لا المعنى فقط.

قال الإمام أبو بكر الآجري رحمه الله في "الشريعة" (1/ 535): "من قال: إن هذا القرآن الذي يقرءوه الناس، وهو في المصاحف حكاية لما في اللوح المحفوظ، فهذا قول منكر، ينكره العلماء. يقال لقائل هذه المقالة : القرآن يكذبك ، ويرد قولك ، والسنة تكذبك وترد قولك ، قال الله تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ) التوبة/ 6 .

فأخبر الله تعالى: إنه إنما يسمع الناس كلام الله، ولم يقل: حكاية كلام الله، وقال تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الأعراف/ 204 .

فأخبر أن السامع إنما يسمع القرآن، ولم يقل: حكاية القرآن.

وقال تعالى: ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) الإسراء/ 9 ، وقال تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) الأحقاف/29-30 .

وقال تعالى: ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ) الجن/1 ، ولم يقل يستمعون حكاية القرآن، ولا قالت الجن: إنا سمعنا حكاية القرآن، كما قال من ابتدع بدعة ضلالة، وأتى بخلاف الكتاب والسنة وبخلاف قول المؤمنين" انتهى.

وقال الإمام أبو عثمان الصابوني رحمه الله : " ويشهد أهل الحديث ، ويعتقدون : أن القرآن كلام الله ، وكتابه ووحيه وتنزيله غير مخلوق، ومن قال بخلقه ، واعتقده ، فهو كافر عندهم.

والقرآن -الذي هو كلام الله ووحيه- هو الذي نزل به جبريل على الرسول صلى الله عليه وسلم ، قرآنا عربياً لقوم يعلمون بشيراً ونذيراً، كما قال عز وجل: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) الشعراء/192 - 195.

وهو الذي بلغه الرسول صلى الله عليه وسلم أمته ، كما أمر به في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) المائدة/67 فكان الذي بلغهم بأمر الله تعالى كلامه عز وجل، وفيه قال صلى الله عليه وسلم: (أتمنعونني أن أبلغ كلام ربي).

وهو الذي تحفظه الصدور، وتتلوه الألسنة، ويكتب في المصاحف، كيفما تصرف بقراءة قارئ، ولفظ لافظ، وحفظ حافظ، وحيث تُلي، وفي أي موضع قرئ أو كتب في مصاحف أهل الإسلام وألواح صبيانهم وغيرها، كله كلام الله جل جلاله غير مخلوق؛ فمن زعم أنه مخلوق ، فهو كافر بالله العظيم" انتهى من "عقيدة السلف وأصحاب الحديث" ص165 .

والنقول عن السلف كأحمد والبخاري ومن بعده مستفيضة في ذلك.

فينبغي نصح هذا الداعية ، وتبيين الحق له ، وإزالة الشبهة عنه.

ثانيا:

إذا كانت المقاطع المسجلة لهذا الداعية ، فيها نفع وفائدة في مجال دعوة النصارى، فلا حرج في إعطائها لهم، فإن مصلحة دخولهم في الإسلام لا تقارن بوقوعهم في بدعة .

وهذا كله على فرض أنهم سيتأثرون به في بدعته ، بعد إسلامهم، وهذا ليس لازما دائما .

ثم هذه المفسدة يمكن إزالتها بمتابعة هؤلاء بعد إسلامهم ، وتعليمهم العقيدة الصحيحة.

وإن وجدت مقاطع مؤثرة لدعاة على السنة المحضة، فنشرها أولى.

والله أعلم.


 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب