السبت 11 شوّال 1445 - 20 ابريل 2024
العربية

هل الأهرامات هي الصرح المذكور في القران ؟

275214

تاريخ النشر : 18-10-2017

المشاهدات : 48753

السؤال

هل الأهرامات هي الصرح المذكورة في القرآن ؟

ملخص الجواب

ملخص الجواب :  ليست الأهرامات هي الصُرُح المذكورة في القرآن .

الجواب

الحمد لله.

أولًا: لقد ذكر الصرح في معرض كلام فرعون لهامان في موضعين في القرآن:

الأول: قوله تعالى: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ) القصص/38.

الثاني: قوله تعالى: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ ) غافر/37.

حين قال موسى إن الإله الحق هو رب السموات، فقد حسب فرعون أن مملكة هذا الرب السماء، تصورا مختلًا ، ففرع على نفي إلهٍ غيرِه : أنْ أمر هامان وزيره ، أن يبني له صرحًا يبلغ به عنان السماء، ليرى الإله الذي زعمه موسى، حتى إذا لم يجده رجع إلى قومه ، فأثبت لهم عدم إله في السماء ؛ إثبات معاينة !!

أراد أن يظهر لقومه في مظهر المتطلب للحق ، المستقصي للعوالم، حتى إذا أخبر قومه بعد ذلك بأن نتيجة بحثه أسفرت عن كذب موسى ، ازدادوا ثقة ببطلان قول موسى عليه السلام.

وفي هذا التخليط ، من الجدل السفسطائي ، مبلغ من الدلالة على سوء انتظام تفكيره وتفكير ملئه، أو مبلغ تَحَيُّلِه ، وضعف آراء قومه.

وهامان : لقب ، أو اسم ، لوزير فرعون.

وأراد بقوله: (فأوقد لي يا هامان على الطين) أن يأمر هامان العمال أن يطبخوا الطين ، ليكون آجُرّا، ويبنوا به، فكني عن البناء بمقدماته، وهي إيقاد الأفران لتجفيف الطين المتخذ آجرا.

وابتدأ بأمره بأول أشغال البناء ، للدلالة على العناية بالشروع من أول أوقات الأمر، لأن ابتداء البناء يتأخر إلى ما بعد إحضار مواده، فلذلك أمره بالأخذ في إحضار تلك المواد التي أولها الإيقاد، أي إشعال التنانير لطبخ الآجر.

ورجا أن يصل بهذا الصرح إلى السماء وهذا من فساد تفكيره إذ حسب أن السماء يوصل إليها بمثل هذا الصرح ما طال بناؤه .

يقول السعدي: " (وَقَالَ فِرْعَوْنُ) متجرئا على ربه، ومموها على قومه السفهاء، أخِفاء العقول: (يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) أي: أنا وحدي، إلهكم ومعبودكم، ولو كان ثَمَّ إله غيري، لعلمته، فانظر إلى هذا الورع التام من فرعون!، حيث لم يقل " ما لكم من إله غيري " بل تورع وقال: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) وهذا، لأنه عندهم، العالم الفاضل، الذي مهما قال ؛ فهو الحق، ومهما أمر أطاعوه.

فلما قال هذه المقالة، التي قد تحتمل أن ثَمَّ إلها غيره، أراد أن يحقق النفي، الذي جعل فيه ذلك الاحتمال، فقال لـ " هامان " (فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ) ليجعل له لبنا من فخار. (فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا) أي: بناء (لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) ولكن سنحقق هذا الظن، ونريكم كذب موسى.

فانظر هذه الجراءة العظيمة على الله، التي ما بلغها آدمي، كذب موسى، وادَّعى أنه إله، ونفى أن يكون له علم بالإله الحق، وفعل الأسباب، ليتوصل إلى إله موسى، وكل هذا ترويج!!

ولكن العجب من هؤلاء الملأ الذين يزعمون أنهم كبار المملكة، المدبرون لشئونها، كيف لعب هذا الرجل بعقولهم، واستخف أحلامهم، وهذا لفسقهم الذي صار صفة راسخة فيهم.

فسد دينهم، ثم تبع ذلك فساد عقولهم، فنسألك اللهم الثبات على الإيمان، وأن لا تزيغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وتهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب".

انظر: التحرير والتنوير: (20/ 121 - 124)، وتفسير السعدي: (616).

ثانيًا:

لم يذكر أحد فيما اطلعنا عليه أن الصرح هو أحد الأهرامات، بل نفاه بعض أهل التفسير، صراحة .

قال ابن عاشور رحمه الله : " ولم يذكر القرآن أن هذا الصرح بُني، وليس هو أحد الأهرام ، لأن الأهرام بنيت من حجارة لا من آجر، ولأنها جعلت مدافن للذين بنوها من الفراعنة.

واختلف المفسرون هل وقع بناء هذا الصرح وتم أو لم يقع ؟

فحكى بعضهم أنه تم ، وصعد فرعون إلى أعلاه ، ونزل ؛ وزعم أنه قتل رب موسى !!

وحكى بعضهم أن الصرح سقط قبل إتمام بنائه ، فأهلك خلقا كثيرا من عملة البناء والجند.

وحكى بعضهم أنه لم يشرع في بنائه"، انظر: التحرير والتنوير: (20/ 124).

  
والخلاصة: أن الأهرامات ليست هي الصُرُح المذكورة في القرآن .

والله أعلم . 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب