الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

عنده مستشفى ويريد تشغيل أموالاً لأحد الناس مقابل ربح قسم معين

278318

تاريخ النشر : 17-02-2018

المشاهدات : 1365

السؤال

أفترض أني افتتحت مشروع مشفى ، وطرحت بعض الأقسام للاستثمار على الشكل التالي ، يدفع المستثمر قيمة معينة مقابل أرباح قسم معين لمدة معينة ، مثلا يدفع 10 آلاف دولار مقابل أرباح قسم الأشعة لمدة سنة ، علما بأنه لا يسترد القيمة المدفوعة بعد سنة ، ولكن مجموع أرباحه التي يحصل عليها قد تصل إلى ضعف أو ضعفين ، فهل هذا يجوز شرعا ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يجوز أن تطرح بعض أقسام المشفى للمشاركة والاستثمار، وهذا له صورتان:

الأولى: أن يؤسس القسم من مال المشاركين، ويكون منك العمل فقط ، أو تشارك معهم بمالك أيضا، وبعملك، فحينئذ تشترى جميع الأجهزة والمستلزمات، من مال المساهمين، ويتفق على نسبة معلومة من الربح لهم، كأن يكون لهم 70% ولك 30% أو أكثر من ذلك أو أقل، وهذا لا حرج فيه، وهي شركة مضاربة ، أو شركة عِنان مع مضاربة .

ويلزم فصل مال هذا القسم عن بقية المشفى، من حيث النظر في ماله، ومتابعة ربحه وخسارته.

ويجوز تحديد مدة الشركة بسنة أو غير ذلك، فإذا انقضت المدة، لزم تقييم الأجهزة، فإما أن تباع لأجنبي، أو تشتريها، أو يشتريها أحد المساهمين.

ويُعلم الربح بالنظر إلى المال المتحصل، إضافة إلى قيمة الأجهزة، والقاعدة أن كل ما زاد على رأس المال فهو ربح.

ولا يجوز أن يحدد لمساهم مال معلوم، ولا نسبة من رأس ماله، بل يكون له نسبة من الربح الذي سيأتي.

قال ابن قدامة رحمه الله: " متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة ، أو جعل مع نصيبه دراهم ، مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم ، بطلت الشركة.

قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض (المضاربة) إذا شرط أحدهما ، أو كلاهما ، لنفسه دراهم معلومة، وممن حفظنا ذلك عنه مالك والأوزاعي والشافعي ، وأبو ثور وأصحاب الرأي " انتهى من "المغني" (5/ 23).

الصورة الثانية: أن يكون القسم قد جُهز بعضه، ويراد تشغيل أموال الناس في باقيه، ويكون منك العمل أو لا يكون.

فهذه شركة بالعروض، وهي جائزة على الراجح، ويلزم تقييم الأجهزة الموجودة، ويكون هذا رأس مالك، فيضاف إلى أموالهم، ويتفق على نسبة الربح كما تقدم. ويلزم عند فض الشركة تقييم الأجهزة جميعا، ويفعل بها كما ذكرنا في الصورة الأولى.

ثانيا:

لا يجوز أن يشترط على المساهم (المشارك) أنه لا يسترد رأس ماله ، فرأس المال ملك لجميع المساهمين .

فإن ربحت الشركة استرد كل واحد منهم رأس ماله ، وأخذ نصيبه من الأرباح .

وفي حال الخسارة يتحمل كل شريك من الخسارة بحسب نسبة رأس ماله .

ثالثا :

قد يفهم من سؤالك أن المشارك يُدخل ماله في المشفى جميعه، مقابل ربح قسم معين يكون له، وهذا لا يجوز؛ لأنه من الغرر والجهالة، فقد يربح هذا القسم كثيرا، وقد لا يربح.

وهذا شبيه بما كان معمولا به في الجاهلية في كراء الأرض بجزء معين منها، وليس بجزء مشاع أو بنقود.

روى مسلم (1547) عن حَنْظَلَة بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: " سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، فَقَالَ:  لَا بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا كَانَ النَّاسُ يُؤَاجِرُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ ، وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ ، وَأَشْيَاءَ مِنَ الزَّرْعِ ، فَيَهْلِكُ هَذَا، وَيَسْلَمُ هَذَا، وَيَسْلَمُ هَذَا، وَيَهْلِكُ هَذَا، فَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إِلَّا هَذَا، فَلِذَلِكَ زُجِرَ عَنْهُ، فَأَمَّا شَيْءٌ مَعْلُومٌ مَضْمُونٌ، فَلَا بَأْسَ بِهِ ).

والماذيانات: هي مسايل المياه ، وقيل ما ينبت على حافتي مسيل الماء ، وقيل ما ينبت حول السواقي ، وهي لفظة معربة ليست عربية.

وأقبال الجداول: الأقبال أي أوائلها ، ورؤوسها . والجداول : هو جمع جدول ، وهو النهر الصغير كالساقية.

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (10/ 198): " ومعنى هذه الألفاظ : أنهم كانوا يدفعون الأرض إلى من يزرعها ببذر من عنده ، على أن يكون لمالك الأرض ما ينبت على الماذيانات ، وأقبال الجداول أو هذه القطعة، والباقي للعامل فنهوا عن ذلك؛ لما فيه من الغرر فربما هلك هذا دون ذاك وعكسه" انتهى.

رابعا :

هناك صورة أخرى ، ثالثة ، تحتملها هذه المعاملة، وهي خارجة عن صفة المضاربة والمشاركة.

وصورة ذلك : أن تجهّز القسم بما يحتاجه، ثم تؤجره على من يرغب في ذلك، فيأخذه هو ، ويقوم هو على إدارة هذا القسم وتشغيله ، ويكون تحست مسؤوليته هو ؛ ويكون له هنا جميع ما يخرج من هذا القسم من الدخل .

فخرجت المسألة عن صفة عقود المضاربة والمشاركة ، إلى عقود الإيجار .

وعقد الإجارة هنا واقع على المبنى والأجهزة، وهذه الأجهزة يستعملها المستأجر، ولا يضمن تلفها إلا بالتعدي أو التفريط.

فإذا تم الاتفاق على ذلك : فلا مانع منه ، وما دفعه المستأجر – المستثمر – لا يسترد منه شيئا ، لأنه دفعه مقابل استئجار المكان ، وأجهزته ، ويقوم هو على كل شيء فيه ، من تكلفة تشغيلية ، ورواتب عاملين ، وغير ذلك ؛ ويكون له جميع ما يدخل من هذا القسم .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب