الحمد لله.
الاتفاق مع المصممة على خياطة فستان : يدخل ضمن عقد الإجارة، ويستحق الأجير أجرته ، إذا أدى العمل كما طلب منه.
فإذا وضعت المصممة أشياء لم تتفقا عليها، فلك المطالبة بإزالتها .
والظاهر من سؤالك أنها وعدت بذلك، لكنها قالت: لابد أن تستلمي فستانك نهاية الأسبوع، ولا ندري ما وجه رفضك لذلك؟
فكان عليك أن تقبلي، ثم تنظري هل قامت بالعمل المطلوب أم لا؟ فهذا خير من ترك الفستان وعدم العودة لها كما فعلت.
والذي يلزمك الآن أن تعودي إليها، وفي ذلك تفصيل:
1-فإن كانت قد خاطت الفستان كما طلبتِ منها : استحقت أجرتها كاملة.
وينبغي الحذر من أكل حق الأجير؛ فقد روى البخاري (2270) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ ، رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ ).
ورواه ابن ماجة (2442) ولفظه : ( ... وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا ، فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُوفِهِ أَجْرَهُ ) . قال القاري رحمه الله: " أَيْ لَمْ يُعْطَهِ أَجْرَهُ وَافِيًا " انتهى من "مرقاة المفاتيح" (5/ 1991).
2-وإن خاطته على غير ما طلبت منها، فإنها لا تستحق أجرة، وتضمن القماش.
قال في "كشاف القناع" (4/ 33): "(ويضمن) الأجير المشترك (ما تلف بفعله ، ولو بخطئه ، كتحريق القصّار الثوب) ، من دقه أو مده أو عصره أو بسطه ، (وغلطه) أي الخياط (في تفصيله ، ودفعه إلى غير ربه) ، روي عن عمر وعلي رضي الله عنهما ؛ لأن عمله مضمون عليه ، لكونه لا يستحق العوض إلا بالعمل" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "الصحيح أنه لا ضمان مطلقاً [أي على الأجير المشترك] إذا لم يتعد أو يفرط، والعمل على ما مشى عليه المؤلف.
مثال ذلك: خياط مشترك، أتى له شخص بقطعة من القماش وقال خطها لي قميصاً، فأخطأ وخاطها سراويل : فعليه الضمان.
ولو قال: أنا نسيت وتوهمت أنك تريدها سراويل، فإننا نقول: لا يسقط الضمان؛ لأنك أنت الذي تعديت، نعم يسقط الإثم، وأما الضمان الذي هو حق آدمي : فإنه لا يسقط، وهذا معنى قوله: ما تلف بفعله.
كذلك ـ أيضاً ـ لو أنه قال له: خِط هذا الثوب قميصاً واسعاً، والقطعة تكفي، لكن اجتهاداً منه قال: أجعله معقولاً؛ لأوفر قطعة القماش على صاحب الثوب ، ففعل، فإنه يضمن؛ لأنه فعل غير ما أذن له فيه.
وإذا قلنا: إنه يضمن ، فهل له أجرة لأنه تعب وخاط، وأمضى وقتاً وخيوطاً ، واستعمالاً للآلة ، أو لا ؟
ليس له أجرة.
وإذا قلنا في هذه الحال: إنه يضمن، فهل نقول: يأخذ السراويل ، ويرد بدلها قطعة القماش، أو نقول: يأخذ صاحب القطعة السراويل ، ويعطى الفرق بين القميص والسروال؟
الأول هو الواجب، لكن إذا اصطلحا على شيء فلا بأس، لو قال: أنا آخذ السراويل ولكن أعطني الفرق بين السراويل والقميص : فلا بأس إذا اتفقا" انتهى من الشرح الممتع (10/ 83).
3-وإن كانت لم تغير فيه شيئا عن الحال التي كانت في (البروفة) : فالذي يظهر أنه يلزمك إتمام العقد معها، فتزيل ما أضافته، وتخيط الفستان، وتأخذ أجرتها. وذلك أن عقد الإجارة لازم.
والخلاصة :
إذا كانت خاطت الفستان كما طلبت ، فالواجب عليك قبوله ودفع الأجرة كاملة إليها .
وإن كانت خاطتة بخلاف ما طلبت ، فليس لها أجرة ، ولك أن تلزميها بدفع قيمة القماش ، أو تأتي لك بقماش مثله .
والله أعلم.
تعليق