الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

حكم العمل في هيئة تنظيم سوق الرساميل بالبورصة

281189

تاريخ النشر : 21-01-2018

المشاهدات : 5292

السؤال

عندي سؤال عن الحكم في العمل في هيئة تنظيم سوق الرساميل بالبورصة ، والتي تقوم بمراقبة كل العمليات في البورصة ، فقد تكون بعض العمليات غير شرعية ، ويتلخص عملها فيما يلي ـ منقول من موقع الهيئة: www.ammc.ma/ar/ammc/missions ـ * التأكد من حماية الادخار الموظف في الأدوات المالية ؟ * السهر على المساواة في التعامل مع المكتتبين ، والشفافية ، ونزاهة سوق الرساميل ، وعلى إخبار المستثمرين . * التأكد من حسن سير سوق الرساميل ، والسهر على تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية . * السهر على مراقبة نشاط مختلف الهيئات والأشخاص الخاضعين لمراقبتها. * التأكد من احترام الأشخاص والهيئات الخاضعين لمراقبتها للأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال . * المساهمة في النهوض بالتربية المالية للمدخرين . * مؤازرة الحكومة في تنظيم سوق الرساميل .

الجواب

الحمد لله.

أولا:

أعمال البورصة تحتوي على المباح والمحرم.

ومن المحرمات: تداول السندات الربوية، وبيع العملات دون تقابض، وتداول الأدوات المالية المحرمة، مثل بيوع المستقبليات ، والمشتقات ، والأسهم المختلطة، والأسهم المحرمة، والتعامل بنظام الهامش، وغير ذلك.

وقد جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي بشأن تعاملات البورصة ما يلي:

" وأما الجوانب السلبية الضارة في هذه السوق فهي:

أولاً: أن العقود الآجلة التي تجري في هذه السوق ليست في معظمها بيعاً حقيقاً، ولا شراء حقيقاً؛ لأنه لا يُجْرَى فيها التَّقَابُض بين طرفي العَقد ، فيما يُشْتَرَط له التَّقَابُض في العِوَضَين أو في أحدهما شرعاً.

ثانياً: أن البائع فيها غالباً يبيع ما لا يملك ، من عملات وأسهم أو سندات قروض أو بضائع، على أمل شرائه من السوق وتسليمه في الموعد، دون أن يقبض الثمن عند العقد كما هو الشرط في السَّلَم.

ثالثاً: أن المشتري فيها غالباً يبيع ما اشتراه لآخر قبل قبضه، والآخر يبيعه أيضاً لآخر قبل قبضه. وهكذا يتكرر البيع والشراء على الشيء ذاته قبل قبضه ، إلى أن تنتهي الصفقة إلى المشتري الأخير، الذي قد يريد أن يتسلم المبيع من البائع الأول، الذي يكون قد باع ما لا يملك، أو أن يحاسبه على فرق السعر في موعد التنفيذ، وهو يوم التصفية، في حين يقتصر دور المشترين والبائعين ـ غير الأول والأخير ـ على قبض فرق السعر في حالة الربح، أو دفعه في حالة الخسارة، في الموعد المذكور، كما يجري بين المقامرين تماماً.

رابعاً: ما يقوم به المتمولون من احتكار الأسهم والسندات والبضائع في السوق للتحكم في البائعين الذين باعوا ما لا يملكون؛ على أمل الشراء قبل موعد تنفيذ العقد بسعر أقل، والتسليم في حينه، وإيقاعهم في الحرج.

خامساً: أن خطورة السوق المالية هذه تأتي من اتخاذها وسيلة للتأثير في الأسواق بصفة عامة، لأن الأسعار فيها لا تعتمد كلياً على العرض والطلب الفعليين من قِبَل المحتاجين إلى البيع أو إلى الشراء، وإنما تتأثر بأشياء كثيرة، بعضها مُفْتَعَل من المهيمنين على السوق، أو من المُحتَكِرين للسلع أو الأوراق المالية فيها، كإشاعة كاذبة أو نحوها. وهنا تكمن الخطورة المحظورة شرعاً؛ لأن ذلك يؤدي إلى تقلبات غير طبيعية في الأسعار، مما يؤثر على الحياة الاقتصادية تأثيراً سيئاً" انتهى.

وينظر نص القرار كاملا في جواب السؤال رقم (124311).

وعليه ؛ فإذا كان العمل في هيئة تنظيم السوق، يتضمن الإعانة على شيء من تلك المحرمات، كان محرما؛ لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2

وما ذكرته من مهام هذه الوظيفة لا يخلو من إشكال، كالتأكد من حماية الادخار الموظف في الأدوات المالية، والتأكد من حسن سير سوق الرساميل والسهر على تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية، وهذا يتضمن الإعانة والإقرار لما يجري من معاملات.

وللدكتور محمد بن سعود العصيمي حفظه الله- وهو مختص في الاقتصاد- فتوى مهمة حول العمل في مثل الهيئة المسئول عنها، نضعها بنصها:

سئل حفظه الله: " ما حكم العمل في شركة تداول للأسهم(الشركة المسؤولة عن "إدارة بيع وشراء وعرض" أسهم جميع الشركات ،بما فيها الشركات التي بها نسبة من الربا) ، وليس لها علاقة في نشاط الشركة، علما أن الوظيفة بتقنية المعلومات . وهل ينطبق الحكم على العمل بالغرفة التجارية ، وهي المسؤولة عن تنظيم جميع أنواع التجارات ، بما فيها مثلا محلات الموسيقى و المقاهي ومحلات الشيشة والجراك والتأمين ونحوها.

فأجاب: " الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فالسؤال هام جدًا، من حيث طبيعة العمل، ومن حيث طبيعة الأشخاص العاملين.

ولا شك أن النية الحسنة التي يحملها الشخص ، لتصحيح وضع قائم غير موافق للشرع : يؤجر عليها، وهي من الجهاد.

أما أعمال البورصة نفسها : فهي لا شك تحتوي على المباح والمحرم.

ومن المحرمات -وهو أشدها- تداول السندات الربوية، وتداول الأدوات المالية المحرمة الأخرى، مثل بيوع المستقبليات والمشتقات وغيرها، مما هو معروف ومنشور في قرارات مجمع الفقه الإسلامي.

وسواء كان الموظف سمسارًا أم وسيطًا أم مقيدًا للمعلومات في الحاسب، أم مسوِّقًا لتلك المحرمات، فكل ذلك لا يجوز.

ومن المباحات: العمل في الأسهم المباحة ، لشركات لا تقترض ولا تودع بالربا.

أما الأعمال التي ليست من طبيعتها أن تكون ذات صلة بالأدوات المالية، فهذه حسب العمل وطبيعته، ويصعب الإجابة عنها جوابًا عامًا.

أما من حيث الأشخاص، فإني أوصي الأشخاص الأقوياء في الدين والعلم ومعرفة واقع العمل : الانضمام ، حتى لو وجد شيء مخالف، وذلك للإصلاح في المجال قدر الطاقة.

ولو تبين له بعد مدة كافية من العمل : أنه لا يستطيع التغيير، فله أن يبحث عن عمل آخر.

أما من لا يأنس من نفسه الكفاءة، ويخشى على نفسه الفتنة : فلا أرى أن ينضم للهيئة.

وإني أوصي السائل في حال الانضمام لها بالنية الصالحة، والتسلح بالعلم الشرعي، وعرض ما يشكل عليه على المشايخ الثقات، ومناصحة من حوله من الموظفين، فالتحديات كبيرة في الجوانب الاقتصادية، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وفَّق الله الجميع لهداه، وجنبنا ما يسخطه سبحانه، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين" انتهى من:

  http://iswy.co/e3h63

والحاصل :

أن عليك الاطلاع على مهام هذه الوظيفة بدقة، فإن تضمنت الإعانة على شيء مما يجري في البورصة من المحرمات، أو الإقرار الصريح لها، ولن تستطيع أن تزيل هذه المحرمات : فلا يجوز الدخول فيها.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب