الحمد لله.
يجوز للمرأة ان ترضع ولد غيرها، بشرط أن يأذن زوجها لها في ذلك ، لما في ذلك من اشتغالها بغيره ، وتفويتها بحقه .
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (3/157) :
" إِذَا أَرَادَتِ الْمَرْأَةُ إِرْضَاعَ غَيْرِ وَلَدِهَا فَعَلَيْهَا اسْتِئْذَانُ زَوْجِهَا فِي ذَلِكَ ، إِلا إِذَا تَعَيَّنَتْ لإِرْضَاعِهِ ، فَإِنَّ عَلَيْهَا إِرْضَاعَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ " انتهى .
وقال في "كشاف القناع" (5/ 459): " (وليس للزوجة أن ترضع غير ولدها ، إلا بإذن الزوج قاله الشيخ) لما فيه من تفويت حقه عليه" انتهى.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: "امرأة أرضعت غير ابنها عدة رضعات دون إذن زوجها فهل تأثم؟ وهل تكون أماً للولد بذلك، علماً أنها لا تعرف مقدار الرضعات، هل هي خمس أم أكثر أم أقل؟
فأجاب: الأولى للمؤمنة أن لا ترضع أحداً إلا بإذن أهل الولد وبإذن زوجها؛ لأن هذا قد يضر ولدها أيضاً ، فالأولى بها والأحوط لها أن لا ترضع أحداً إلا بالإذن ، إلا إذا كان زوجها في الغالب يرضى بهذا، أو كان فيها لبن كثير ، والحاجة ماسة إلى إرضاعه جيرانها، فلا بأس إن شاء الله" انتهى.
https://www.binbaz.org.sa/noor/11231
ولم نقف على من جعل إذن والد الطفل شرطا في ذلك ؛ لا سيما ، إذا لم يكن على الطفل مضرة من ذلك ، ولا خيف عليه عيب ولا ذم بهذا الرضاع ، وهذا حاصل برضاعه من خالته ؛ فالخالة أم ، ولا فرق بينها وبين الوالدة في ذلك ، غالبا .
وتتأكد الرخصة فيه : إذا دعت إليه الحاجة ، كأن يكون جائعا ، وليس عنده من يرضعه ، كما نص عليه الفقهاء ، أو كانت هناك مصلحة شرعية معتبرة في ذلك ، كما ذكر في السؤال .
ولا شك أن مصلحة رضاعه ، ليحرم على من تربى معهم في نفس البيت ، من أولاد خالته ، ويخرج من الحرج الشرعي بهذه الخلطة ؛ لا شك أن هذه مصلحة شرعية معتبرة .
ولمثل هذه المصلحة المعتبرة : رخص النبي صلى الله عليه وسلم لامرأة أبي حذيفة في أن ترضع سالما ، مولى أبي حذيفة ، لما علم من خلطته العظيمة لهم ؛ فأراد دفع الحرج الشرعي عنهم بذلك .
فعَنْ عَائِشَةَ : " أَنَّ سَالِمًا، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ مَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِمْ، فَأَتَتْ - تَعْنِي ابْنَةَ سُهَيْلٍ - النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ سَالِمًا قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ ، وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا، وَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا ، وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ، وَيَذْهَبِ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ ) فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُهُ. فَذَهَبَ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ ".
رواه مسلم (1453) .
وقد سبق البيان : أن أكثر أهل العلم على أن رضاع الكبير لا يحرم ، وأن هذه كانت رخصة خاصة بسهلة ، وسالم مولى أبي حذيفة .
وإنما المراد هنا : أن النبي صلى الله عليه وسلم قد دلهم على هذا المخرج الشرعي ، ورخص لهم في تلك الرخصة العظيمة ، لرفع الحرج عنهم ؛ فكيف الحال برضاع طفل صغير ، كما هو الحال عندكم .
والحاصل :
أنه لا حرج عليك في إرضاع هذا الطفل ، ليكون أخا لأطفالك الذي سيتربون معه في بيت واحد ، ويرتفع الحرج عنكم في اختلاطه ببناتك ، ولو لم يتيسر استئذان والده في ذلك .
وإن كان استئذانه – متى أمكن – أفضل ، وأطيب لقلبه .
والله أعلم .
تعليق