الثلاثاء 7 شوّال 1445 - 16 ابريل 2024
العربية

شراء الزي المدرسي والكتب الدراسية وبناء الفصول من الزكاة

283294

تاريخ النشر : 23-01-2018

المشاهدات : 11490

السؤال

لقد قرأت أنه لا يجوز صرف زكاة المال فى شراء لوازم بقيمة مال الزكاة ، وقد قمت بزيارة مدارس بمناطق فقيرة ، وبها طلاب محتاجون ، وسألت إدارة المدرسة عنما يحتاج له الطلاب ، علما بأن إحدى هذه المدارس جميع طلابها من المحتاجين ، ومدارس أخرى بها طلاب غير محتاجين ، ولكن وجدنا بها صفوف مكتظة بعدد كبير من الطلاب ، وليس بها مراوح ، والجو حار جدا ، وطلبت منا إدارة المدرسة شراء مراوح لأن الدولة لا تتكفل بمثل هذه المصاريف ، كما أخبرنا المعلمين بالطلبة الذين يحتاجون للزى المدرسى ، وطلاب أخرين ليس لديهم كتب دراسية ، ولا يستطيعون شرائها ، وقد قمت بشراء بعض الأدوات المدرسية ، والكتب الدراسية ، والزى المدرسى ، وبعض الأحذية ، وقمت بتوزيعها مع إدارة المدرسة على الطلبة المحتاجين ، كما قمت بشراء مراوح للصفوف التى ليس بها مراوح من مال الزكاة ، أما بالنسبة للمدرسة والتى يدرس بها طلاب جلهم من الفئة المحتاجة ، فالمدرسة كانت عبارة عن مأساة كبيرةـ ، فقد وجدت بها نقص فى الصفوف الدراسية ، ووجدت الطلبة والطالبات يفترشون الأرض فى مكان بقرب هاوية ؛ لعدم وجود صف دراسى لهم مما يعرض حياتهم للخطر، كما أنها ليس ببيئة سليمة للطلاب لتلقى العلم ، فقمت ببناء صف دراسى لهم ، ومكتب لمديرة المدرسة ، حيث إن مديرة المدرسة ليس لها مكتب خاص بها ، وأخبرونا بالحاجة الماسة لوجود مكتب خاص بمدير المدرسة لاستقبال أولياء الأمور ؛ للمحافظة على خصوصية الطلاب وذويهم. وقمت بشراء مصاحف ، وجلابيات ، وقبقاب ، وبعض المواد التموينية للأطفال حفظة القرآن حسب طلب المسؤول عنهم . وسؤالى هو : هل يجب على إخراج الزكاة مرة أخرى إن كان صرفها فى ما ذكرت آنفا غير جائز؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يجب إخراج زكاة المال نقودا، ولا يجوز إخراجها أشياء عينية كطعام أو أدوية أو ملابس، في قول جمهور الفقهاء.

وأجاز ذلك أبو حنيفة رحمه الله، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وقيده بما إذا كان لحاجة أو مصلحة، كأن يكون الفقير سفيها مبذرا، أو مجنونا ، أو يتيماً لا ولي له.

قال شيخ الإسلام: "إخْرَاجُ الْقِيمَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلا مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ : مَمْنُوعٌ مِنْهُ ... ؛ وَلأَنَّهُ مَتَى جُوِّزَ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا : فَقَدْ يَعْدِلُ الْمَالِكُ إلَى أَنْوَاعٍ رَدِيئَةٍ، وَقَدْ يَقَعُ فِي التَّقْوِيمِ ضَرَرٌ؛ وَلأَنَّ الزَّكَاةَ مَبْنَاهَا عَلَى الْمُوَاسَاةِ، وَهَذَا مُعْتَبَرٌ فِي قَدْرِ الْمَالِ ، وَجِنْسِهِ .

وَأَمَّا إخْرَاجُ الْقِيمَةِ لِلْحَاجَةِ ، أَوْ الْمَصْلَحَةِ ، أَوْ الْعَدْلِ : فَلا بَأْسَ بِهِ" انتهى من "مجموع الفتاوى" (25/ 82 ).

وقال الشيخ ابن باز في الفتاوى (14 / 253) : " ويجوز أن يخرج عن النقود عروضاً ، من الأقمشة والأطعمة وغيرها ، إذا رأى المصلحة لأهل الزكاة في ذلك ، مع اعتبار القيمة .

مثل أن يكون الفقير مجنوناً ، أو ضعيف العقل ، أو سفيهاً ، أو قاصراً ، فيخشى أن يتلاعب بالنقود ، وتكون المصلحة له في إعطائه طعاماً ، أو لباساً ينتفع به من زكاة النقود بقدر القيمة الواجبة ، وهذا كله في أصح أقوال أهل العلم". انتهى .

وعليه :

فما أخرجته من الزكاة في الزي المدرسي والأحذية والأدوات المدرسية والمواد التموينية التي تُملّك للطلبة، فهو مجزئ إن شاء الله؛ لوجود الخلاف المعتبر في ذلك، ولكون المصلحة ظاهرة في ذلك.

ثانيا:

أجاز جمع من الفقهاء شراء كتب العلم من الزكاة، للطالب الفقير المنقطع للعلم، وأدخلوا ذلك في مصرف "في سبيل الله".

قال المرداوي رحمه الله: " وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : جَوَازَ الْأَخْذِ مِنْ الزَّكَاةِ لِشِرَاءِ كُتُبٍ يَشْتَغِلُ فِيهَا ، بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الْعِلْمِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا لِمَصْلَحَةِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ انْتَهَى. وَهُوَ الصَّوَابُ" انتهى من "الإنصاف" (3/ 218).

وقال الشيخ محمد بن سليمان الكردي في حاشيته على "المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية" عند قول ابن حجر الهيتمي : " ككتب العلم الشرعي " : " في الإيعاب هو التفسير والحديث والفقه ؛ وقوله ( وآلته ) هو ما ينفع في العلم الشرعي كسائر العلوم العربية كالنحو ، وكذلك الحساب والطب وغيرها " انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "الذي أرى جواز صرف الزكاة لطلبة العلم المنقطعين لطلبه ، إذا كان علماً شرعيًّا ؛ لأن الدين قام بالعلم والسلاح ، قال الله تعالى : ( يَاأَيُّهَا النبي جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) . ومن المعلوم أن جهاد المنافقين إنما هو بالعلم لا بالسلاح .

وعلى هذا فتصرف الزكاة لهم في نفقاتهم ، وما يحتاجون إليه من الكتب ، سواء كان على سبيل التمليك الفردي الذي يُشترى لكل فرد منهم ، أم على سبيل التعميم ، كالكتب التي تُشترى فتودع في مكتبة يرتادها الطلاب ، لأن الكتب لطالب العلم ، بمنزلة السيف والبندقية ونحوهما للمقاتل" انتهى من "مجموع الفتاوى" (18/ 392) .

وبناء على هذا ؛ فما دفعته من زكاة في شراء الكتب والأدوات المدرسية مجزئ إن شاء الله تعالى.

وهي مجزئة ، إن شاء الله ، وإن لم تكن هذه الكتب مخصوصة بكتب العلم الشرعي ، ما دامت منفعتها مباحة ، كالحساب والعلوم وغيرها ، وحاجة التلاميذ لها : ظاهرة ، معتبرة .

وسواء كان ذلك لتعلم علم شرعي ، أو لدراسة علم دنيوي نافع ، أو حرفة يحتاجونها ؛ فيجوز أن تشترى هذه الكتب من أموال الزكاة ، وتملك للطلاب المحتاجين .

ثالثا:

لا يجوز دفع الزكاة في بناء مدرسة ، أو فصل ، أو شراء مراوح للمدرسة ونحوها؛ لأن أصناف الزكاة معلومة بينها الله تعالى بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة / 60.

ولمعرفة هذه الأصناف بالتفصيل ينظر جواب السؤال رقم: (46209).

وما ذُكِر : لا يدخل في هذه الأصناف .

ولأن الزكاة لم تُمَلَّك للفقراء هنا ؛ فلا يملك الطلاب الفقراء هذه المراوح أو الفصل.

قال في "درر الحكام شرح غرر الأحكام" (1/ 189): " ( لا إلى بناء مسجد ) أي لا يجوز أن يبني بالزكاة مسجدا ; لأن التمليك شرط فيها ؛ ولم يوجد.

وكذا بناء القناطر ، وإصلاح الطرقات ، وكري الأنهار .. وكل ما لا تمليك فيه" انتهى.

وعليه :

فما دفعته في شراء المراوح، وبناء الفصل الدراسي، ومكتب المديرة، من الزكاة : لا يجزئك .  ويلزمك إعادة إخراج هذا القدر من الزكاة، إلا إن كنت اعتمدت على فتوى تجيز ذلك.

وانظر: جواب السؤال رقم (190566) ورقم (6977) ورقم (125481) ورقم (138684).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب