الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

هل تقبل الأعمال الصالحة من المَدِيْن ؟

283300

تاريخ النشر : 03-02-2018

المشاهدات : 7095

السؤال

هل يقبل الله منك الصلاة وغيرها من الأعمال الصالحة عندما يكون عليك دين؟

ملخص الجواب

من أخذ أموال الناس مستهينا بها ، لا يريد أداءها ، فويل له ثم ويل له ، وهو على خطر عظيم، ولم يرد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدم قبول عمله ، فإن هذا عقوبة خاصة ، لا يقال فيها بالاجتهاد أو القياس ، وليس كل ذنب أو كبيرة تمنع قبول الأعمال ، إلا فيما جاء به النص .

الجواب

الحمد لله.

أولا :

الدين أمره خطير جدا ، لا ينبغي لمسلم أن يقدم عليه إلا إذا كان محتاجا حاجة حقيقية ، وقد ورد في السنة أحاديث كثيرة تحذّر من الدين ، ومن التساهل في شأنه .

ينظر جواب السؤال (71183) .

ثانيا :

يجب على المسلم إن استدان أن يعزم عزما صادقا على السداد ، دون مماطلة أو استهانة بحقوق الناس ، فيأخذ الدين ، حين يأخذه ، وهو عازم على أدائه .

فمن استدان على هذا الوجه المباح ، لم يكن عليه من حرج ولا جناح ، بل إن الله عز وجل يؤدي عنه إن لم يجد أداء ، وقد مات النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة في دين كان عليه .

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله) رواه البخاري (2387) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"ومن مات مُعْدِما : يُرْجَى أن الله يقضي عنه ما عليه " انتهى من "الاختيارات" (166) .

ثالثا :

من أخذ أموال الناس مستهينا بها ، لا يريد أداءها ، فويل له ثم ويل له ، وهو على خطر عظيم، ولم يرد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدم قبول عمله ، فإن هذا عقوبة خاصة ، لا يقال فيها بالاجتهاد أو القياس ، وليس كل ذنب أو كبيرة تمنع قبول الأعمال ، إلا فيما جاء به النص كالشحناء بين المتخاصمين ، فإنها تمنع ارتفاع أعمالهما ، وكذلك إتيان الكهان ونحو ذلك مما ورد فيه النص بعدم قبول أعمال فاعلها .

وقد ورد ما يدل على أن نفس الميت تبقى معلقة بعد موته حتى يقضى عنه دينه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ ) رواه الترمذي (1078) .

لكن نص أهل العلم على أن هذا الوعيد هو في حق من كان له مال، ولم يوفِ منه الدَّين، أو من استدان ولم يكن عازمًا على القضاء.

قال الشيخ ابن باز :

"هذا محمول على من ترك مالا يقضى به عنه .

أما من مات عاجزا : فيرجى ألا يتناوله هذا الحديث ؛ لقوله سبحانه وتعالى : (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) ، وقوله سبحانه : (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) .

كما لا يتناول من بيّت النية الحسنة بالأداء عند الاستدانة ومات ولم يتمكن من الأداء ؛ لما روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله) " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (20/229) .

والخلاصة : أن الدين لا يمنع من قبول الأعمال الصالحة .

فإن كان المقترض محتاجا ، عازما على السداد ورد الحقوق إلى أصحابها ، ثم عجز عن ذلك فلا حرج عليه ، ولا تشمله أحاديث الوعيد ، إن شاء الله .

وإن كان قد أخذها ناويا المماطلة وعدم السداد ، فهو في معصية عظيمة وخطر كبير ، فيجب عليه التوبة والندم ، وأداء الحقوق إلى أصحابها إن كان واجدا ، وإن عجز عن رد الدين أو بعضه فإنه يجب عليه أن يقيّد ما عليه في وصيته ، ناويا أنه متى وجد ، قضى ما عليه .

وينظر جواب السؤال (226232) .

والله أعلم .


 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب