الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

هل يجوز أن يقال: "سورة كذا "، أو : "السورة التي يذكر فيها كذا " ؟

283704

تاريخ النشر : 14-02-2018

المشاهدات : 7145

السؤال

ما صحة تحرج بعض صحابة والتابعين من أمثال عبد الله بن عمر ، والحجاج ثقفي من تسمية بعض السور كالبقرة ؟

ملخص الجواب

الصحيح جواز أن يقال سورة البقرة: وآل عمران والنساء، والأعراف، وهكذا بدون كراهة .

الجواب

الحمد لله.

ثبت عن بعض السلف كراهة أن يقال في تسمية السورة باسمها المباشر، كأن يقال: سورة البقرة، سورة آل عمران، ونحو ذلك، ورأى هؤلاء أن يقال: السورة التي تذكر فيها البقرة، وهكذا .

وقد روى البخاري عن الأعمش، قال:

" سمعت الحجاج، يقول على المنبر: السورة التي يذكر فيها البقرة، والسورة التي يذكر فيها آل عمران، والسورة التي يذكر فيها النساء .

قال: فذكرت ذلك لإبراهيم ، فقال: حدثني عبد الرحمن بن يزيد أنه كان مع ابن مسعود رضي الله عنه حين رمى جمرة العقبة، فاستبطن الوادي ، حتى إذا حاذى بالشجرة اعترضها، فرمى بسبع حصيات ، يكبر مع كل حصاة ثم قال: من ها هنا ، والذي لا إله غيره ، قام الذي أنزلت عليه سورة البقرة صلى الله عليه وسلم " رواه البخاري(1750).

وبوب البخاري في صحيحه بابًا فقال: " باب من لم ير بأسا أن يقول: سورة البقرة، وسورة كذا وكذا " ، وأورد فيه عدة أحاديث (5040 - 5042)، منها:

1- عن أبي مسعود الأنصاري، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ مَنْ قَرَأَ بِهِمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ).

2- عن حديث المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن عبد القاري ، أنهما سمعا عمر بن الخطاب، يقول: " سمعت هشام بن حكيم بن حزام، يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة، لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكدت أساوره في الصلاة ، فانتظرته حتى سلم ، فلببته فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ ؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: كذبت فوالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهو أقرأني هذه السورة ، التي سمعتك فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوده ، فقلت: يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، وإنك أقرأتني سورة الفرقان، فقال: (يا هشام اقرأها) فقرأها القراءة التي سمعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هكذا أنزلت) ، ثم قال: (اقرأ يا عمر) فقرأتها التي أقرأنيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هكذا أنزلت) ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه).

3- عن عائشة رضي الله عنها، قالت: " سمع النبي صلى الله عليه وسلم قارئا يقرأ من الليل في المسجد، فقال: ( يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتها من سورة كذا وكذا).

قال ابن حجر: " أشار بذلك إلى الرد على من كره ذلك وقال لا يقال إلا السورة التي يذكر فيها كذا " انتهى من فتح الباري"(9/ 87).

وقال الإمام النووي: " يجوز أن يقول : سورة البقرة، وسورة آل عمران، وسورة النساء، وسورة العنكبوت، وكذلك الباقي، ولا كراهةَ في ذلك .

وقال بعض السلف: يُكره ذلك، وإنما يُقال: السورة التي تُذكر فيها البقرة، والتي يُذكر فيها النساء، وكذلك الباقي .

والصواب الأوّل، وهو قولُ جماهير علماء المسلمين من سلف الأمة وخلفها، والأحاديثُ فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من أن تحصر، وكذلك عن الصحابة فمن بعدهم " انتهى من "الأذكار"(109).

ولا يصح في هذه المسألة حديث مرفوع، وإنما هو اجتهاد لبعض السلف ، خالفه من هو أولى   وأكثر ، مع دلالة السنة الصحيحة على خلافه أيضا .

وأما الحديث  الوارد عن أنس بن مالك مرفوعًا: ( لا تقولوا: سورة البقرة، ولا سورة آل عمران، ولا سورة النساء، وكذا القرآن كله، ولكن قولوا: السورة التي يذكر فيها البقرة، والتي يذكر فيها آل عمران، وكذا القرآن كله) : فلا يصح، قال ابن كثير: " هذا حديث غريب لا يصح رفعه، وعيسى بن ميمون هذا هو أبو سلمة الخواص، وهو ضعيف الرواية، لا يحتج به " انتهى من "تفسير ابن كثير" (1/ 156) .

وشرع ابن كثير في إيراد بعض الأحاديث التي ثبت فيها إطلاق سورة البقرة ، سورة آل عمران ، ونحو ذلك .

وقال السيوطي عن الحديث السابق: " وإسناده ضعيف، بل ادعى ابن الجوزي أنه موضوع، وقال البيهقي: إنما يعرف موقوفًا على ابن عمر، ثم أخرجه عنه بسند صحيح.

وقد صح إطلاق سورة البقرة وغيرها عنه صلى الله عليه وسلم، وفي الصحيح عن ابن مسعود أنه قال: (هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة ومن ثم لم يكرهه الجمهور) " انتهى من "الإتقان" (1/ 187)، "معترك الأقران" (2/ 276).

وقال الشيخ أبو شهبة: " والصحيح جواز أن يقال سورة البقرة: وآل عمران والنساء، والأعراف، وهكذا بدون كراهة، ولا يشترط أن يقال السورة التي يذكر فيها البقرة، وهكذا سائر السور " انتهى من "المدخل لدراسة القرآن" (318).
والخلاصة : أن الصحيح جواز أن يقال سورة البقرة: وآل عمران والنساء، والأعراف، وهكذا بدون كراهة

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب