الخميس 9 شوّال 1445 - 18 ابريل 2024
العربية

حكم اسم مبروك ومبروكة ؟

284295

تاريخ النشر : 20-01-2018

المشاهدات : 22915

السؤال

لقد تم تسمية ابنتي باسم مبروكة على اسم والدة زوجي ، ثم اتضح أن هذا الاسم مكروه شرعا ولغة ، وقرأت في أحد المواقع أن اسم مبروك من أسماء الشيطان ، فهل هذا صحيح ؟ وهل يجيب تغير اسمها ؛ لأننا ـ والحمدلله ـ عائلة ملتزمة دينيا ؟

ملخص الجواب

ملخص الجواب :  لا نرى حرجا في تسمية مولودتكم بـ "مبروكة" ، ما دام المتعارف أن المراد منه : التفاؤل بحصول البركة والخير لها ، وبها .  

الجواب

الحمد لله.

أولا:

"مبروك" هو اسم مفعول، ومن يستعمله يعتقد أنه من الفعل ( بارك ).

وعلى هذا فإنه لا يصح استعماله لهذا المعنى من الناحية الصرفية؛ لأن اسم المفعول من الفعل (بارك) هو "مبارك".

لكن من المعاصرين من رأى جواز استعماله تساهلا، ورأى أن له مخرجا صرفيا.

جاء في "معجم الصواب اللغوي" (ص 655):

" مبروك من الفعل بَرَك، يقال: بَرَكَ البعير بُرُوكًا: وقع على صدره، أي استناخ.

أما الشيء الذي فيه بركة ففعله: بَارَك. بمعنى وضع البركة، فالشيء مبارك. قال تعالى: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) الدخان/3.

ويمكن تصحيح العبارة المرفوضة على أنها اسم مفعول من فعل ثلاثي ، يتم التوصل إليه من بعض مشتقاته، مثل: البَرَكة، وطعام بَريك؛ بناء على ماقرره مجمع اللغة المصري من جواز تكملة فروع مادة لغوية لم تذكر المعاجم بقيتها " انتهى.

وسُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" ما حكم القول عند التهنئة "مبروك" ، مع ما يقال إنها مأخوذة من البروك ، كأن تقول برك الجمل ، وليست بمعنى مبارك الذي هو من البركة؟

فأجاب: اللفظة صالحة بأن تكون من البركة لأنه يقال هذا مبارك من الفعل الرباعي "بارك"، ويقول هذا مبروك من "برك"، ولكن العامة لا يريدون به إلا البركة ، وهو بمعنى مبارك في اللغة العربية.

ولا أظنه من حيث القواعد الصرفية يصح أن المشتق من "برك" مبروك؛ لأن "برك" فعل لازم، والفعل اللازم لا يصاغ منه اسم المفعول إلا معدى بحرف الجر ...

وهي تستعمل بغير حرف الجر، كما هو معروف عند العامة، وإذا كانت مادة الاشتقاق موجودة وهي (الباء والراء والكاف) ، التي هي أصل حروف البركة ، فلا أرى مانعاً أن يقول القائل مبروك معنى مبارك " .

انتهى من "فتاوى إسلامية" (4 / 478).

فالحاصل؛ أن اسم "مبروك" للذكر، و"مبروكة" للأنثى، هو بمعنى اسم "مبارك" للذكر، و"مباركة" للأنثى، لكنه استعمال غير فصيح، وإنما هو جار على لسان العامة في بعض بلدانهم .

وهذا الاسم بهذا المعنى لا علاقة له بأسماء الشياطين بحال ؛ بل هو بعيد عنها.

ثانيا:

لكن مادام اسم "مبروك" بنفس معنى "مبارك"؛ فإن اسم "مبارك" من أهل العلم من نص على النهي عنه؛ لعلتين:

العلة الأولى: هذا الاسم  فيه تزكية للنفس، والله تعالى يقول:

( فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ) النجم /32.

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: " سَمَّيْتُ ابْنَتِي بَرَّةَ ، فَقَالَتْ لِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ هَذَا الِاسْمِ، وَسُمِّيتُ بَرَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ، اللهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ)

فَقَالُوا: بِمَ نُسَمِّيهَا؟ قَالَ: (سَمُّوهَا زَيْنَبَ)" رواه مسلم (2142).

العلة الثانية: أنه قد يتطير عند الإخبار بالنفي إذا سُئل عنه: أثمّ هو؟

عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ. لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ.

وَلَا تُسَمِّيَنَّ غُلَامَكَ يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ، فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ، فَيَقُولُ: لَا ) إِنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ، فَلَا تَزِيدُنَّ عَلَيَّ " رواه مسلم (2137).

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" وهذه الجملة الأخيرة ليست من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هي من كلام الراوي ...

وفي معنى هذا: مبارك، ومفلح، وخير، وسرور، ونعمة، وما أشبه ذلك، فإن المعنى الذي كره له النبي صلى الله عليه وسلم التسمية بتلك الأربع موجود فيها، فانه يقال: أعندك خير؟ أعندك سرور؟ أعندك نعمة؟ فيقول: لا، فتشمئز القلوب من ذلك وتتطير به، وتدخل في باب المنطق المكروه...

مع أن فيه معنى آخر يقتضي النهي، وهو تزكية النفس بأنه مبارك ومفلح، وقد لا يكون كذلك ... " انتهى من "تحفة المودود" (168 - 170).

لكن عرف الناس في استعمال اسم "مبروك" و"مبروكة"؛ هو أنهم لا يقصدون بهما التزكية بإثبات التقوى والصلاح، وإنما يراد بهما التفاؤل بكثرة الرزق والولد لا أكثر.

ولعل لهذا السبب ذهب الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى إلى أن اسم "مبروكة" من الأسماء المشروعة والمستحسنة كما في رسالته "تسمية المولود" (ص 71).

وهذا قول ظاهر متجه .

وعلى ذلك : فلا نرى حرجا في تسمية مولودتكم بـ "مبروكة" ، ما دام المتعارف أن المراد منه : التفاؤل بحصول البركة والخير لها ، وبها .

ولا يلزمكم تغيير الاسم ، لا سيما إن كان ذلك يحزن والدها .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب