الثلاثاء 7 شوّال 1445 - 16 ابريل 2024
العربية

حكم الجثو على الركبة عند الدعاء

284724

تاريخ النشر : 31-01-2018

المشاهدات : 9163

السؤال

هل يجوز للمسلم إذا كان لديه حاجة إلى الله سبحانه وتعالى وكان مكروبا مهموما أن يدعو الله وهو جاثٍ على ركبتيه في كل وقت خارج الصلاة وهل الدعاء في هذه الحالة أرجى للإجابة ؟ وجزاكم الله خير

الجواب

الحمد لله.


أولا : 
من الآداب المستحبة في الدعاء ، عند عامة أهل العلم : أن يرفع الداعي يديه إذا دعا ، مفتقرا إلى ربه ، متضرعا له ، صادقا في لجوئه وطلبه من رب العالمين . 
ويستحب له أيضا : أن يستقبل القبلة بدعائه ، إذا دعا ، متى تيسر له ذلك ، ولم يحل بينه وبين ما هو أهم من مجرد استقبال القبلة ، كحال الخطيب على المنبر ؛ فإنه لا يدع استقبال الناس ، وهو يدعو ، ليستقبل القبلة . 
وينظر ما سبق حول ذلك في جواب السؤال رقم (36902).

واستحباب ذلك ، لا ينفي مشروعية الدعاء على كل أحيانه ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ؛ بل يدعو قائما ، وقاعدا ، وعلى جنبه ؛ من غير كراهة لشيء من ذلك . 
وينظر جواب السؤال رقم (211189).
ثانيا : 
وأما الدعاء جاثيا على ركبتيه، فقد وردت فيه أحاديث ، ولكنها لا تخلو من مقال .
ففي مسند الشافعي (ص:81) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما هبت ريح قط إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه وقال : (اللهم اجعلها رحمة، ولا تجعلها عذابا، اللهم اجعلها رياحا، ولا تجعلها ريحا) . 
والحديث ضعيف جدا كما قال الألباني رحمه الله . ينظر "السلسلة الضعيفة" الحديث رقم (4217) .
وخرج الطبراني من حديث أنس، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى ثم استقبل القوم وجهه، وقلب رداءه، ثم جثا على ركبتيه، ورفع يديه، وكبر تكبيرة قبل أن يستسقي، ثم دعا .
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ (7/320) ، وَفِيهِ مُجَاشِعُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: قَدْ رَأَيْتُهُ أَحَدَ الْكَذَّابِينَ . ينظر "لسان الميزان" (5/15) ، وسلسلة الأحاديث الضعيفة (12/302) .

قال ابن الأثير : " ( جثا يجثوا ) : إذا قعد على ركبتيه، وعطف ساقيه إلى تحته . 
وهو قعود المستوفز ، والخائف ، الذي إن اجتاح إلى النهوض ، نهض سريعًا . 
وهو أيضاً قعود الصغير بين يدي الكبير ، وفيه نوع أدب ؛ كأنه لما هبت الريح ، وأراد أن يخاطب ربه -عز وجل- بالدعاء : قعد قعود المتواضع لربه ، الخائف من عذابه، المتأدب بي يديه ثم دعا." انتهى ، من "الشافي شرح مسند الشافعي" (2/351) . 

وقال ابن الملك : " أي: جلس "على ركبتيه": تواضعاً لله تعالى، وخوفاً من عذابه." انتهى ، من "شرح المصابيح" (2/294) . 

وقد ورد عن الإمام أحمد رحمه الله أنه دعا بهذه الهيئة في بعض المواضع .
فقد روي أن المأمون حينما أكره الناس على القول بخلق القرآن ، وأحدث هذه الفتنة في أهل الإسلام ، جثا الإمام أحمد على ركبتيه ، ولحظ السماء بعينيه ، وقال "غَرَّ هَذَا الْفَاجِرَ حِلْمُكَ حَتَّى يَتَجَرَّأَ عَلَى أَوْلِيَائِكَ بِالْقَتْلِ وَالضَّرْبِ ، اللَّهُمَّ فَإِنْ يَكُنِ الْقُرْآنُ كَلَامَكَ غَيْرَ مَخْلُوقٍ ، فَاكْفِنَا مُؤْنَتَهُ" ، فما تمت الليلة إلا وقد جاء الخبر بموته .
ينظر : "حلية الأولياء" (9/ 194) .

وذكر ابن رجب الحنبلي رحمه الله في "لطائف المعارف" (ص310) :
"وقال عبد لله بن المبارك : جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاث على ركبتيه ، وعيناه تهملان ، فقلت له : من أسوأ هذا الجمع حالا ؟ 
قال : الذي يظن أن الله لا يغفر لهم" انتهى. 

فلا حرج على المسلم أن يدعو الله تعالى ، وهو بهذه الهيئة ، لأنها هيئة تشعر بالخضوع والتواضع والتذلل لله تعالى ؛ لا سيما إذا كان المقام يقتضي ذلك ، على نحو مما فيه من الآثار. 

على أن لا يكون ذلك في كل دعائه ، وإنما يفعله أحيانا ، حتى لا تتحول هذه الهيئة من كونها مشروعة ، إلى كونها سنة يواظب عليها المسلم ، ويحرص عليها ، كما يواظب ويحرص على السنة الثابتة المقصودة . 
 
وينظر في أسباب إجابة الدعاء السؤال (5113) .
 
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب