الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

لماذا لم يتزوج شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؟

285336

تاريخ النشر : 08-08-2018

المشاهدات : 103521

السؤال

لماذا لم يتزوّج ابن تيمية بما أنّه السنّة؟

ملخص الجواب

أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لم يترك النكاح رغبة عنه ولا زهداً فيه، وإنما تركه لما كان فيه من جهاد ودعوة ، وما ابتلي به من الحبس والتغريب.  

الجواب

الحمد لله.

أولا :

لا شك أن النكاح من سنن المرسلين ، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ، وتزوج أصحابه رضي الله عنهم ، وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي، فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي، وَتَزَوَّجُوا، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ، وَمَنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ فَلْيَنْكِحْ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَيْهِ بِالصِّيَامِ، فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ  .

رواه ابن ماجة (1846) ، وحسنه الألباني .

وعن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال : أَمَا وَاللَّهِ ، إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي  رواه البخاري (5063)، ومسلم (1401) .

ثانيا :

الناس في النكاح على ثلاثة أقسام :

الأول : من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح ، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء ، لأنه يلزمه إعفاف نفسه ، وصونها عن الحرام .

الثاني : من يستحب له ، وهو من له شهوة ولكنه يأمن الوقوع في محظور ، فهذا النكاح له أولى من التخلي لنوافل العبادة.

القسم الثالث : من لا شهوة له ، إما لأنه لم يخلق له شهوة ، أو كانت له شهوة فذهبت بكبر أو مرض ونحوه ، ففيه وجهان : أحدهما : يستحب له النكاح ، لعموم الأدلة التي فيها الأمر بالنكاح . والثاني: التفرغ للعبادة أفضل ، لأنه لا يحصل مصالح النكاح.

ينظر جواب السؤال رقم : (36486).

ثالثا :

ذكر غير واحد من أهل العلم أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لم يتزوج حتى مات ، قال الذهبي في "ترجمته" (ص10) : " له شهامة وقوة نفسٍ توقعه في أمورٍ صعبةٍ، ويدفع الله عنه، وله نظمٌ قليلٌ وسطٌ، ولم يتزوج ولا تسرى " انتهى .

ولم يترك رحمه الله النكاح رغبة عنه وتركا للسنة ، ولكنه كان مشغولا بالجهاد والعلم ومحاربة البدعة وأهلها والدعوة والإصلاح والتربية ، مع ما كان فيه من الشدة ، وما لاقاه من الاضطهاد والحبس والضرب والأذى والاغتراب ، فآثر العلم والتربية والجهاد على النكاح، الذي كان ربما لا يتيسر له؛ لما كان عليه من شدة الحال.

وقد قال شيخ الإسلام نفسه :

" وإن احتاج الإنسان إلى النكاح ، وخشي العنت بتركه : قدمه على الحج الواجب .

وإن لم يخف : قدم الحج . ونص الإمام أحمد عليه في رواية صالح وغيره ، واختاره أبو بكر .

وإن كانت العبادات فرض كفاية ، كالعلم والجهاد : قدمت على النكاح إن لم يخش العنت " .

انتهى، من "الاختيارات" لأبي العباس البعلي (175) .

وينظر أيضا : "شرح العمدة" لشيخ الإسلام ، كتاب الحج (1/155) ، "مطالب أولي النهى" (5/5) .

وقد سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

هل عدم زواج شيخ الإسلام رحمه الله هو من قبيل التبتل والتشدد ؟

فأجاب :

" إذا صار هذا السائل مثل شيخ الإسلام في جهاده وعلمه ، وصار الزواج يعوقه عن الدعوة وعن الجهاد : فهو معذور .

شيخ الإسلام إنما تركه : لأنه مجاهد في سبيل الله، وأيضا مطارد ويسجن ويعذب، وهو لم يتفرغ للزواج " انتهى .

https://www.youtube.com/watch?v=6Y1OloXPUiY

وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :

" يذكر مترجموه أنه لم يتزوج ولم يتسر، كما في تاريخ ابن الوردي (2/411) وغيره.

فهل عزوبته رحمه الله تعالى إيثارا للعلم ؟ أم للعبادة واللهج؟ أم للجهاد والغزو؟ أم لمكاسرة المتعصبة للمذهبية؟ أم لفض جموع الغلو والطرقية؟ أم لمقارعة الخصوم؟ أم بسبب ما جناه عليه خصوم الكتاب والسنة من السجن والإيذاء؟ وكم؟ وكم ؟

وهو رحمه الله تعالى ثابت الجأش ، فرح النفس، قرير العين " انتهى ، من "النظائر" (ص 257 - 258)

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب