الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

والده يريد أن يساعده في عمله التجاري الذي يحتوي بعض المخالفات الشرعية

السؤال

أعمل في مجال الصوتيات والفيديو من خلال الكمبيوتر والفضائيات ( وكلها أعمال شرعية ودعوية بفضل الله ) ، ولي خبرة جيدة والحمد لله ، وأبي يريدني أن أعمل معه في تجارتنا ، ولكن عندي بعض المشاكل ؛ أولها : أني لا أجيد العمل التجاري .
وثاني المشاكل : أن التجارة بها بعض الأشياء المخالفة ، مثل دفاتر عليها صور لذوات أرواح ، ودفاتر موسيقى ، وبطاقات عليها صور ذوات أرواح ، وورق لعب وماكينة حلاقة ( أعيش في بلاد الغالبية فيها ليسوا ملتحين ).

الجواب

الحمد لله.

لا شك أن بر الوالدين من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه ، فقد وصى الله تعالى بهما في كل حال ، حتى في حال كفرهما بالله تعالى ، قد سبق بيان ذلك في الأسئلة رقم : (22782) (5326) (5053) .

وبخصوص ما ذكرت فاجتهد أن تقنع والدك بعملك الذي تحسنه ، وتستطيع أن تنفع فيه ، فكل ميسر لما خُلِق له ، ومن إصلاح الأعمال ، وأداء الأمانة فيها أن يوضع الإنسان في العمل والمكان الذي يناسبه ، ومن إضاعة الأعمال والأموال والتفريط في أمانتها أن يُسند العمل إلى غير أهله ، ثم اجتهد أن توجد له البديل القوي الأمين ، الذي يعينه على تجارته بدلاً منك ، ولو أن تتحمل شيئاً من أجرته ، فافعل استرضاءً لأبيك ، ولو اقتضى الأمر أن تجعل جزءاً من وقت راحتك لصحبة أبيك فيعمله وإيناسه بوجودك فافعل " ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) البقرة/195 ، ( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) البقرة/83

فإذا اجتهدت في ذلك ، ولم يكن فيه ما يقنع أباك ، فالرأي لك إن شاء الله أن تأخذ إجازة من عملك الذي أنت فيه إن أمكن وتشارك والدك في عمله في هذه الفترة ، ولعل الأمور تسير إلى ما تحب في أثنائها ، فإن لم تتيسر لك تلك الإجازة فلا يجب عليك أن تترك عملك أو تخرج من مالك أو تطلق زوجتك إرضاءً لأبويك إذا كان في ذلك ضرر عليك ، وعدم طاعتهما في ذلك ليس من العقوق ، إن شاء الله ، راجع السؤال رقم (9594) و (47040)

قال رجل للإمام أحمد : لي جارية وأمي تسألني أن أبيعها

قال تتخوف أن تتبعها نفسك ؟ [ يعني تخاف أن تبقى نفسك متعلقة بالجارية إذا بعتها ] ؟ قال : نعم . قال : لا تبعها . قال : إنها تقول : لا أرضى عنك أو تبيعها .

قال : إن خفت على نفسك فليس لها ذلك [ الآداب الشرعية لابن مفلح (1/448)

لكن عليك أيضاً أن تجتهد في استصلاح نفس أبيك وتطييب قلبه ، واجتهد أيضاً في تطهير تجارتكم من بيع ما يحرُم بيعه أو ما يغلب على ظنك استعماله في محرم ، وإن كنت في تجارتكم وقتاما ً ، فلا تبع ذلك وإن أمرك أبوك فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق

وما ذكرت من الدفاتر التي عليها صور ، فهذا مما عمت به البلوى ، فإذا كانت هذه الصور مأخوذة فوتوغرافياً ، وليست رسماً باليد ، فلا حرج في بيع الدفاتر التي عليها مثل تلك الصور – إن شاء الله – لأن المقصود ليس الصورة ذاتها ، بل الدفتر ، إلا أن تكون الصورة صورة امرأة أو منظراً خليعاً ، كما يوجد كثيراً في مثل ذلك ، فلا يجوز بيعها لما فيها من إشاعة الفتنة والفساد ، ولأن كثيراً من الناس يقصدون اقتناء هذه الصور .

أما بيع دفتر الموسيقى فحرام ، لأنه إعانة على المنكر ، وكذلك بيع آلات الحلاقة لمن تعلم من ظاهر حاله أنه يستعملها في حلق اللحية ، أما إذا كان سيستعملها في أمر مباح فبيعها جائز .

وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

يوجد عند أبي محل لبيع الأدوات الكهربائية مثل التلفزيون والفيديو وبعض آلات العزف وكذلك الساعات الذهبية ويطلب مني الجلوس فيه والبيع ، ولكني أرفض هل يُعتبر هذا من العقوق ؟ وما هو الواجب ؟

فأجاب :

هذا ليس من العقوق ، إذا امتنعت عن فعل المحرم الذي يفعله والدك ، لكن الواجب عليك أن تنصحه وتقول له هذا حرام وكسبه حرام ، فإن اهتدى فهذا هو المطلوب ، وإن لم يهتد فالإثم عليه وأنت لك أجر بنصحه لأن الله تعالى يقول لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ليس عليك هداهم ..) وإذا قال لك اجلس في الدكان للبيع فلا تبع الأشياء التي تستعمل في محرم ، بع الأشياء التي غالباً ما يفعل الناس به الشيء المباح ، كالراديو والمسجلات أما الفيديو والتليفزيون فلا تبعه ، لأن أكثر الذي يشترون هذه الأشياء يستعملونها في محرم

الباب المفتوح (1/192) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب