هل يجوز للأطفال أن يرسموا صورا لذوات الأرواح ؟
هل يجوز للأطفال أن يرسموا حيوانات أو كائنات حية ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
لا يجوز رسم وتصوير ذوات الأرواح ، سواء كان ذلك نحتا ، أو على ورق ، أو قماش ، أو
غيره ؛ لما روى البخاري (2105) ومسلم (2107) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ( أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ ،
فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى
الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْهُ ، قالت : فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ ،
فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ ، وَإِلَى رَسُولِهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَاذَا أَذْنَبْتُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ ؟ قُلْتُ :
اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا . فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ ، فَيُقَالُ لَهُمْ : أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ ،
وَقَالَ : إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ
).
والنمرقة : الوسادة التي يجلس عليها .
وروى مسلم (2110) عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى
ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ : إِنِّي رَجُلٌ أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ فَأَفْتِنِي
فِيهَا . فَقَالَ لَهُ : أُنَبِّئُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( يَقُولُ كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ يَجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ
صَوَّرَهَا نَفْسًا فَتُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ )
وقَالَ إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَاصْنَعْ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ
.
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : " قَالَ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ مِنْ
الْعُلَمَاء : تَصْوِير صُورَة الْحَيَوَان حَرَام شَدِيد التَّحْرِيم , وَهُوَ
مِنْ الْكَبَائِر ; لِأَنَّهُ مُتَوَعَّد عَلَيْهِ بِهَذَا الْوَعِيد الشَّدِيد
الْمَذْكُور فِي الْأَحَادِيث , وَسَوَاء صَنَعَهُ بِمَا يُمْتَهَن أَوْ بِغَيْرِهِ
, فَصَنْعَته حَرَام بِكُلِّ حَال ; لِأَنَّ فِيهِ مُضَاهَاة لِخَلْقِ اللَّه
تَعَالَى , وَسَوَاء مَا كَانَ فِي ثَوْب أَوْ بِسَاط أَوْ دِرْهَم أَوْ دِينَار
أَوْ فَلْس أَوْ إِنَاء أَوْ حَائِط أَوْ غَيْرهَا . وَأَمَّا تَصْوِير صُورَة
الشَّجَر وَرِحَال الْإِبِل وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ صُورَة حَيَوَان
فَلَيْسَ بِحِرَامٍ " انتهى
.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/479) : " مدار التحريم في التصوير كونه تصويرا
لذوات الأرواح ، سواء كان نحتا أم تلوينا في جدار أو قماش أو ورق أم كان نسيجا ،
وسواء كان بريشة أم قلم أم بجهاز ، وسواء كان الشيء على طبيعته أم دخله الخيال فصغر
أو كبر أو جُمِّل أو شُوِّه أو جعل خطوطا تمثل الهيكل العظمي. فمناط التحريم كون
ما صُوِّر من ذوات الأرواح ، ولو كالصور الخيالية التي تجعل لمن يمثل القدامى من
الفراعنة وقادة الحروب الصليبية وجنودها ، وكصورة عيسى ومريم المقامتين في
الكنائس.. إلخ، وذلك لعموم النصوص ، ولما فيها من المضاهاة ، ولكونها ذريعة إلى
الشرك " انتهى
.
ثانيا :
الطفل وإن كان غير مكلف إلا أنه يلزم وليُّه منعه من الحرام ، وزجره عنه ، إنكارا
للمنكر ، وتربية للطفل ، وتعويدا له على الخير .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ
نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ
لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )
التحريم/6
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (
كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ..، وَالرَّجُلُ رَاعٍ
فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي
بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا )
رواه البخاري (893) ومسلم (1829).
فعلى ولي الطفل أن ينشّئه على البعد عن تصوير ورسم ذوات الأرواح ، وأن يبين له
تحريم ذلك .
وعليه أن يبحث عن بدائل مباحة وهي موجودة والحمد لله ، كرسم الخضروات والفاكهة
والأشجار والبحار ..وكل ما ليس له روح .
والله أعلم .