مررت بفترة كنت أفعل فيها فعلا خاطئا وهو أني كنت إذا احترت بين فعلين أقسم ألا أفعل واحدا منهما لكي أخرج من هذه الحيرة وكنت أحيانا أحنث بكثير من الأقسام وهي من الكثرة والتنوع بحيث لا أستطيع أن أذكر عددها وأنا الآن أريد أن أكفر عنها فكيف أفعل ذلك؟
الحمد لله.
صدقت أخي في وصف فعلك بأنه خاطئ ، إذ ينبغي للمسلم تعظيم أمر اليمين فلا يكثر منه فقد ذم الله تعالى المكثرين من الأيمان، فقال : ( وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ) القلم/10 ، وقال سبحانه : ( وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/224 .
قال أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" (1/483) : "فكأن المعنى : إن الله ينهاكم عن كثرة الأيمان ، والجرأة على الله تعالى ، لما في توقي ذلك من البر والتقوى فتكونون بررة أتقياء" انتهى .
وقد صرح أهل العلم بكراهة الإكثار من الأيمان ، قال ابن قدامة في المغني (9/386): "ويكره الإفراط في الحلف بالله تعالى (أي الإكثار منه) ، لقول الله تعالى: ( وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ) وهذا ذم له يقتضي كراهة فعله" انتهى .
وما دمت قد حلفت أيماناً متعددة على أشياء مختلفة فتلزمك كفارة يمين لكل شيء حلفت عليه وحنثت ، قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (9/406) : "وإن حلف أيماناً على أجناس ، فقال : والله لا أكلت، والله لا شربت، والله لا لبست، وحنث في الجميع ، فعليه في كل يمين كفارة ، وهو قول أكثر أهل العلم" انتهى بتصرف يسير.
وعليك أن تجتهد وتتحرى في تقدير عدد الأيمان التي حلفتها ، فما غلب على ظنك أنه عدد الأيمان التي حلفتها وحنثت فيها كَفَّرت عنها، وبهذا أفتى علماء اللجنة الدائمة للإفتاء كما بيناه في جواب السؤال رقم (34730) .
والله أعلم.