استماع القرآن مع الانشغال بالعمل
ما حكم الاستماع إلى القرآن الكريم أثناء مزاولة العمل أو الانشغال في شيء آخر؟
الجواب
الحمد لله.
استماع القرآن الكريم عبر المذياع أو المسجل ، عمل صالح يؤجر عليه الإنسان ، ولا
حرج عليه لو كان يزاول عملا ، أو شغلا ، ما دام يستمع إليه قدر الإمكان ، وأما أن
يكون على عمل لا يتمكن معه من الإصغاء إلى القرآن ، فهذا لا ينبغي لمنافاته الأدب
والاحترام .
قال النووي رحمه الله في "التبيان في آداب حملة القرآن" ص (92) : " ومما يعتنى به
ويتأكد الأمر به احترام القرآن من أمور قد يتساهل فيها بعض الغافلين القارئين
مجتمعين .
فمن ذلك : اجتناب الضحك واللغط والحديث في خلال القراءة إلا كلاما يضطر إليه ،
وليمتثل قول الله تعالى : ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون )
... " انتهى
.
وذكر البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (1/433) عن ابن عقيل رحمه الله أنه قال
بتحريم القراءة في الأسواق يصيح أهلها فيها بالنداء والبيع ، ونقل عنه أنه قال : "
قال حنبل : كثير من أقوال وأفعال يخرج مخرج الطاعات عند العامة , وهي مآثم عند
العلماء , مثل القراءة في الأسواق , يصيح فيها أهل الأسواق بالنداء والبيع ، ولا
أهل السوق يمكنهم الاستماع ، وذلك امتهان "
انتهى .
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : أقضي بعض الأوقات الساعات الطوال في المطبخ ،
وذلك لإعداد الطعام لزوجي ، وحرصًا مني على الاستفادة من وقتي ؛ فإنني أستمع إلى
القرآن الكريم ، سواء كان من الإذاعة ، أو من المسجل ؛ فهل عملي هذا صحيح أم أنه لا
ينبغي لي فعل ذلك ؛ لأن الله تعالى يقول : ( وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ
فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) ؟
فأجاب : "لا بأس باستماع القرآن الكريم من المذياع أو من المسجل والإنسان يشتغل ،
ولا يتعارض هذا مع قوله : ( فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ ) ؛ لأن الإنصات
مطلوب حسب الإمكان ، والذي يشتغل ينصت للقرآن حسب استطاعته "
انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان" (ج3 سؤال رقم
437) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : بعض الناس يسمع القرآن قبل النوم، أو مثلاً وقت
مذاكرة أو انشغال بالأشغال فهل هذا من الآداب وما حكمه؟
فأجاب : "هذا ليس من الآداب ، ليس من الآداب أن يتلى كتاب الله ولو بواسطة الشريط
وأنت متغافل عنه ، لقول الله تبارك وتعالى: ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ
فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا )
الأعراف/20 ، فلذلك نقول : إن كنت
متفرغاً لاستماعه فاستمع ، وإن كنت مشغولاً فلا تفتحه ... بعض الناس يقول لي: لا
ينام إلا على سماع القرآن، إذا كان كذلك فلا بأس ، إذا كان مضطجعاً ينتظر النوم ما
عنده شغل ، فيستمع هذا لا بأس به ، ومن استعان بسماع كلام الله، على ما يريد من
الأمور المباحة ، لا بأس ليس هناك مانع "
انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (146/14).
وينظر : جواب السؤال رقم (88728)
.
والله أعلم .