إمامهم لا ينطق بالراء نطقا صحيحاً
ما حكم الصلاة خلف إمام يقول في تكبيرة الإحرام " الله أكبن " ، بدلا من " الله أكبر " ؟
مع العلم أنه ينطق بها بصورة صحيحة أحيانا ، أريد إجابة مفصلة جزاكم الله خيرا .
ملاحظة : وأنا لا أستطيع الذهاب لمسجد آخر ؛ لأن هذا المسجد هو الوحيد في بلدي .
الجواب
الحمد لله.
اختلف العلماء في إمامة الألثغ وهو الذي يبدل حرفاً بحرف ، كإبدال الراء غيناً أو
لاماً ، أو إبدال السين ثاءً ، ونحو ذلك .
فذهب أكثر العلماء إلى أنه لا تصح إمامته ، لأن قراءته للفاتحة غير صحيحة ، فهو
كالأمي الذي لا يحسن قراءة الفاتحة .
وذهب آخرون إلى صحة إمامته ، لأنه غير مقصر ، بل هذا ما يستطيعه ، وقياساً على ما
لو ترك القيام عاجزا عنه وصلى جالسا ، فإن ذلك لا يمنع أن يكون إماماً .
جاء في الموسوعة الفقهية (35/326) :
" ذهب الشّافعيّة في الجديد وأكثر الحنابلة : إلى أنّه لا يصح الاقتداء بألكن ،
يترك حرفاً من حروف الفاتحة أو يبدّله بغيره .
وبهذا يقول الحنفيّة على المذهب ، إلا أنّهم لا يحصرون الحكم في الإخلال بحرف من
الفاتحة أو إبداله بغيره , بل يقولون بعدم جواز إمامة من لا يتكلّم ببعض الحروف ,
سواء كانت من الفاتحة أو غيرها .
ويرى هؤُلاء الفقهاء أنّ الألكن إن تمكّن من إصلاح لسانه وترك الإصلاح والتّصحيح
فصلاته في نفسه باطلة , فلا يجوز الاقتداء به , وإن لم يتمكّن من الإصلاح والتّصحيح
: بأن كان لسانه لا يطاوعه , أو كان الوقت ضيّقاً ولم يتمكّن قبل ذلك فصلاته في
نفسه صحيحة , فإن اقتدى به من هو في مثل حاله صحّ اقتداؤُه ؛ لأنّه مثله فصلاته
صحيحة .
وقد صرّح الشّافعيّة بأنّه لو كانت اللثغة يسيرةً , بأن لم تمنع أصل مخرج الحرف وإن
كان غير صافٍ لم تؤثّر , وقواعد الحنفيّة لا تأبى هذا الحكم .
ويرى المالكيّة في المذهب وبعض الحنفيّة وأبو ثورٍ وعطاء وقتادة صحّة الاقتداء
بالألكن , وهذا ما اختاره المزني ، إلا أنّه قيّد صحّة الاقتداء به بأن لم يطاوعه
لسانه , أو طاوعه ولم يمض زمن يمكن فيه التّعلم , وإلا فلا يصح الاقتداء به"
انتهى باختصار .
وقد اختار القول بصحة إمامة الألثغ ابن حزم الظاهري ، فقال في "المحلى" (4/217) :
" وأما الألثغ ، والألكن ، والأعجمي اللسان ، واللحَّان ، فصلاة من ائتم بهم جائزة
، لقول الله تعالى : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) فلم يكلفوا إلا ما يقدرون
عليه ، لا ما لا يقدرون عليه ، فقد أدوا صلاتهم كما أمروا ، ومن أدى صلاته كما أمر
فهو محسن ، قال تعالى : ( ما على المحسنين من سبيل)" انتهى .
وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، حيث قال في "فتاوى نور على الدرب" (أحكام
الإمامة/سؤال رقم/18) :
" ويرى آخرون أنها تصح إمامته ؛ لأن من صحت صلاته صحت إمامته ، ولأنه قد أتى بما
يجب عليه وهو تقوى الله تعالى ما استطاع ، وقد قال الله تعالى : ( فَاتَّقُوا
اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ، وإذا كان العاجز عن القيام يُصلى بالمأمومين
القادرين عليه فإن هذا مثله ؛ لأن كلاً منهم عاجزٌ عن إتمام الركن ، هذا عن القيام
، وهذا عن القراءة .
وهذا القول هو الصحيح ، أن إمامة الألثغ تصح وإن كان يبدل حرفاً بحرف ، ما دامت هذه
قدرته .
ولكن مع هذا ينبغي أن يُختار من يُصلى من الجماعة إنسانٌ ليس فيه عيب احتياطاً
وخروجاً من الخلاف " انتهى .
فعلى هذا ، تصح الصلاة خلف هذا الإمام ما دام عاجزاً عن النطق الصحيح .
والله أعلم .