أجر مرافق المريض
أرجو أن تساعدوني في هذه القضية , حيث إني بحثت في النت عن أدلة لفضل مرافق المريض ، أو الذي يقوم بعنايته ، وأريد بعض القصص ، أو ما هو الأجر المنتظر لمرافق المريض .
الجواب
الحمد لله.
إن من أزكى الأعمال عند الله تعالى ، وأحبها إلى الرحمن ، وأعلاها شرفا ، وأكرمها
مروءة ، الإحسانَ إلى الضعيف والمريض والقيامَ على حوائجهم وشؤونهم .
عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( المُسلِمُ
أَخُو المُسلِمِ لا يَظلِمُهُ وَلا يُسْلِمُه ، مَن كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ
كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَمَن فَرَّجَ عَن مُسلِمٍ كُربَةً فَرَّجَ اللَّهُ
عَنهُ بِهَا كُربَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ )
رواه البخاري (2442) ومسلم (2580)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ
الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ،
وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا
وَالْآخِرَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا
وَالْآخِرَةِ ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ
أَخِيهِ ) رواه مسلم (2699)
.
ومُرافق المريض والقائمُ على رعايته والعناية به قد أحسن إليه بخدمته ورعايته ،
والله تعالى يقول : ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )
البقرة/195
.
وإعانة المريض وخدمته صدقة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وَتُعِينُ
الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ ، فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا ، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا
مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ ) رواه مسلم (1009)
.
وكذلك إذا أعان الرجلَ نفسَه ، فحمله أو أعانه في مشيه أو نومه أو دوائه .
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : ( أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَيُّ النَّاسِ
أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى
اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ , وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ
تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ , أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ,
أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا , أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا , وَلأَنْ أَمْشِيَ
مَعَ أَخِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ
- يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ - شَهْرًا )
رواه الطبراني ( 12 / 453 ) وصححه الألباني
في " صحيح الترغيب " ( 955 ) .
ولما مرضت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أمر النبي صلى الله عليه وسلم زوجها
عثمان بن عفان رضي الله عنه أن يبقى عندها ليمرضها ، وتخلف عن معركة بدر ، فَقَالَ
لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ
مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ ) رواه
البخاري (4066) .
ومرافق المريض لابد أن يتصف بالصبر ، لما يتكبده من مشقة في سهره ، ومراقبته
وملاطفته للمريض ، والله تعالى يقول : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ
بِغَيْرِ حِسَابٍ) الزمر/10
ولابد أن يكون رحيماً ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الرَّاحِمُونَ
يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي
السَّمَاءِ ) رواه أبو داود (4941) والترمذي
(1924) وصححه الألباني في صحيح أبي داود
.
وروى ابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج" (ص/48) عن الحسن البصري قال : ( لأن أقضى
لمسلم حاجة أحب إليَّ من أن أصلي ألف ركعة ) .
وقال ابن رجب في "لطائف المعارف" (232) :
" وكان كثير من السلف يشترط على أصحابه في السفر أن يخدمهم اغتناما لأجر ذلك ، منهم
عامر بن عبد قيس وعمرو بن عتبة بن فرقد مع اجتهادهما في العبادة في أنفسهما ، وكذلك
كان إبراهيم بن أدهم يشترط على أصحابه في السفر الخدمة والأذان ، وكان رجل من
الصالحين يصحب إخوانه في سفر الجهاد وغيره فيشترط عليهم أن يخدمهم ، فكان إذا رأى
رجلا يريد أن يغسل ثوبه قال له : هذا مِن شَرطي فيغسله ، وإذا رأى مَن يريد أن يغسل
رأسه قال : هذا مِن شرطي فيغسله ، فلما مات نظروا في يده ، فإذا فيها مكتوب : " مِن
أهل الجنة " فنظروا إليها فإذا هي كتابة بين الجلد واللحم "
انتهى
.
فهنيئا لمن وفقه الله تعالى لتقديم يد العون إلى الضعيف والمريض والمحتاج ، وهنيئا
لمن يبذل عمره ووقته وجهده في صنائع المعروف ، ونرجو أن يعامله الله بالرحمة والعفو
والرضوان .
والله أعلم .