حكم العمل في تشغيل وصيانة أجهزة بث القنوات الفضائية والإذاعات
أنا مهندس اتصالات ، أعمل في الهندسة الإذاعية ، طبيعة عملي هي تشغيل وصيانة الأجهزة الإلكترونية التي تعمل على إعادة بث القناتين في إحدى الدول العربية ، وبعض الإذاعات المحلية ، مع العلم أنه ليس لي أي علاقة بطبيعة البرامج التي تقدمها هذه القنوات أو الإذاعات ، علماً بأن هذه القنوات والإذاعات تبث لخدمة أهداف قومية ، هل هذا العمل حرام ، ولماذا ؟
الجواب
الحمد لله.
القنوات الفضائية ليست على درجة واحدة ، وإن كان أغلبها لا يخلو من منكر أو بدعة أو
معصية أو فجور ، بل كفر وإلحاد .
ويمكن تقسيم تلك القنوات إلى ثلاثة أقسام رئيسة : قنوات إسلامية ، وقنوات أغاني
وأفلام ، وقنوات إخبارية وبرامج علمية وسياسية .
أما العمل في القنوات الإسلامية تشغيلاً ، ونقلاً لبثها ، وصيانة لأجهزتها : فهو
عمل مباح ، بل يؤجر عليه صاحبه إن نوى به إرشاد الناس ، وتعليمهم ، وصيانة دينهم
وأخلاقهم ، ونعني بالقنوات الإسلامية : تلك التي تنشر اعتقاد أهل السنَّة والجماعة
، وتخلو من ظهور النساء ، وتخلو من الموسيقى والغناء ، وذلك مثل : قناة المجد ،
والرحمة والحكمة والناس .
وبعكسه يكون حكم العمل في القنوات الهابطة ، التي تنشر الفساد في برامجها ، من
أفلام ، ومسلسلات ، وأغاني ، ورسائل عشق وغرام وقلة أدب ، وقد تكون تلك القنوات
تحوي ذلك الفساد والشر كله ، وقد تكون متخصصة في بعضها ، كقنوات الأفلام ، أو
الأغاني ، أو الرسائل الماجنة وهذه القنوات لا ينبغي الاختلاف في تحريم العمل بها ،
بأي وجه من وجوه العمل ، لأن الله تعالى كما حَرَّم على المؤمن أن يعصيه ، حَرَّم
عليه أن يعين العاصي على معصيته ، قال الله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ
وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2 .
وأما القنوات الإخبارية : فهي مباحة في أصلها ، ولكن نظراً لأن القائمين عليها –
غالباً – لا يعيرون الأحكام الشرعية انتباههم : فهم يقعون في مخالفات شرعية في تلك
القنوات ، ما بين مذيعة متبرجة ، أو موسيقى ، أو دعاية لأفلام ، أو أخبار رياضية
تظهر فيها عورات النساء والرجال ، أو لقاءات مع ملحدين ومبتدعة ، وغير ذلك مما هو
مشاهد ، ومعلوم .
والعمل في هذه القنوات تشغيلاً ، ونقلاً لبثها ، وصيانة لأجهزتها : لا يخلو من إثم
؛ وذلك بسبب ما ذكرناه مما تحويه تلك القنوات ، والأليق بالمسلم تجنب العمل فيها ،
والنقل لبثها ، والصيانة لأجهزتها ؛ صيانة لدينه ؛ وحفاظاً على حلِّ كسبه من أن
يتلوث بمحرَّم .
وليُعلم – كذلك - : أن ما قلناه في التفصيل والتوضيح ينطبق على القنوات المسموعة –
الإذاعة – كما ينطبق على القنوات المرئية ، ولا فرق .
قال الله تعالى : ( وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ
وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) العنكبوت/ 13 .
وقال الله تعالى : ( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا
يَزِرُونَ ) النحل/ 25 .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ
مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ،
وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ
تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا ) رواه مسلم (2674) .
والقناتين المسئول عنهما لا يخرجان عن القسم الثاني والثالث ، ولهذا لا يجوز صيانة
أجهزة بثهما ؛ لما في ذلك من الإعانة على المعصية الغالبة ، إلا لمن عُلم أو غلب
على الظن الاستفادة منهما في المباح فقط .
وانظر جواب السؤال رقم : (
41105 )
ففيه بيان حكم العمل في شركة تبث قنوات فضائية .
واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه .
نسأل الله تعالى أن يغنيك بحلاله عن حرامه ، وبفضله عمن سواه .
والله أعلم