الاستفادة من عظام الموتى لدراسة الطب
ما حكم الدراسة على العظام الآدمية في كلية الطب؟ وهل تحتاج إلى وضوء بعد لمسها ؟
الجواب
الحمد لله.
الأصل المقرر شرعا هو احترام المسلم وعدم إهانته حيا وميتا ، ووجوب دفنه ودفن ما
وجد من أجزائه من عظم وغيره ، لقوله تعالى : ( وَلَقَد كَرَّمنَا بني ءَادَمَ )
الإسراء/70.
وروى أحمد (24730) وأبو داود (3207) وابن ماجه (1616) عن عائشة رضي الله عنها أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا )
وصححه الألباني في صحيح أبي داود
.
إلا أنه نظرا لأهمية تشريح الجثث ودراستها ، لنفع الأحياء وإفادتهم ، فقد جوز أهل
العلم تشريح جثة الكافر غير المعصوم وهو الحربي والمرتد ، وصدر في ذلك قرار من مجمع
الفقه الإسلامي ، ذكرناه في جواب السؤال رقم (92820)
.
وأما العظام المأخوذة من جثة مسلم ، فجب دفنها ، ولا يجوز إبقاؤها للفحص والدراسة ،
وينبغي البحث عن بديل لذلك .
ولمس الجثة أو العظام لا ينقض الوضوء.
وقد سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : أنا طالب بكلية الطب وأثناء الدراسة نضطر
إلى أن نمسك بعض الجثث ونشرحها بأيدينا وغالباً ما تكون جثث مسلمين ، وأيضاً نضطر
إلى أن نحتفظ بعظام الموتى في بيوتنا فهل تشريح هذه الجثث أو لمس هذه العظام يوجب
إعادة الوضوء ؟ وما حكم تشريح جثث المسلمين لغرض التعلم الطبي ؟
فأجاب : "الله سبحانه وتعالى شرع لبني آدم الدفن أن تدفن جنائزهم بعد موتهم ، قال
الله تعالى : (ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ)
عبس/21
، وقال تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا، أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا)
المرسلات/25، 26
أي : تعيشون على ظهرها ، وتدفنون بعد موتكم في بطنها ، قال تعالى : (مِنْهَا
خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى)
طه/55
فالذي يشرع نحو الميت أن يدفن في قبره ، ولا يتصرف في جثته وأعضائه .
وأما بالنسبة لتشريح الجثة لقصد التعليم كما ورد في السؤال ، وكما يقال إنه أصبح
الآن ضرورة لتعلم الطب ونفع الأحياء بذلك ، فهذا إن أمكن الاستغناء عنه فإنه لا
يجوز بحال من الأحوال ، وإذا لم يمكن وتوقف الأمر عليه فإن جثة المسلم لا يجوز أن
تشرح أبداً لأجل الطب ...
فالمسلم لا يجوز أن يتلاعب بجثته ، ولا أن تشرح ، بل يجب دفنه واحترامه ، أما
بالنسبة لجثة الكافر فقد رخص بعض العلماء المعاصرين بتشريح جثته لأجل الطب والله
أعلم .
أما لمس الجثة ولمس الميت غير فرجه فهذا لا ينقض الوضوء ، إنما الذي ذكره بعض أهل
العلم أنه ينقض الوضوء تغسيل الميت ، وفيه نظر، أما لمس جثته من غير التغسيل فهذا
لا ينقض الوضوء " انتهى من "المنتقى من
فتاوى الفوزان" (2/44).
والله أعلم .