ما هو حد القذف ؟
الحمد لله.
المراد بـ "القذف" في الحدود : هو الرمي بالزنى أو اللواط ، وهذا مناسب لأصل معنى "القذف" في اللغة ، فإن معناه : الرمي بقوة ، فمن اتهم إنساناً بالزنى أو شتمه به فقد قذفه ، ورماه بشيء شنيع .
والقذف محرم ، بل من كبائر الذنوب إذا كان المقذوف محصناً وعفيفاً عن الزنى .
قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) النور/23 .
قال السعدي رحمه الله :
"ذكر الله تعالى الوعيد الشديد على رمي المحصنات فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ) أي: العفائف عن الفجور (الْغَافِلاتِ) التي لم يخطر ذلك بقلوبهن (الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) واللعنة لا تكون إلا على ذنب كبير.
وأكد اللعنة بأنها متواصلة عليهم في الدارين (وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) وهذا زيادة على اللعنة، أبعدهم عن رحمته، وأحل بهم شدة نقمته" انتهى .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ [أي : المهلكات] . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالسِّحْرُ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ) رواه البخاري (2767) ومسلم (89) .
قال الحافظ ابن حجر : "والمراد بالموبقات هنا : الكبائر" انتهى .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (22/76) : "قذف المسلم لأخيه لا يجوز ، وهو كبيرة من الكبائر ، يجب التوبة من ذلك ، وطلب العفو من المقذوف ، ومن حقه إذا لم يعف أن يطالبه شرعا بحقه .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان .
وأجمع العلماء على وجوب الحد على من قذف محصناً ، وهو أن يجلد ثمانين جلدةً ، لقول الله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) النور/4 .
الحكمة من مشروعية حد القذف
1- منع الترامي بالفاحشة .
2- صيانة أعراض الناس عن الانتهاك ، وحماية سمعتهم من التدنيس .
3- لئلا تحصل عداءات وبغضاء ، وربما تحصل حروب بسبب الاعتداء على العرض وتدنيسه .
4- تنزيه الرأي العام من أن يسري فيه هذا القول ، ويسمعه الناس بآذانهم .
5- منع إشاعة الفاحشة في المؤمنين ، فإن كثرة الترامي بها ، وكثرة سماعها ، وسهولة قولها ، يجرئ السفهاء على ارتكابها .
فكان من الحكمة تشريع حد القذف حتى ينكف الناس عن الترامي بالفاحشة .
والله أعلم .
انظر : "المغني" (12/383) ، "المحلى" (11/268، 269) ، "المجموع" (22/94، 98) ، "حاشية ابن قاسم" (7/330) ، "الشرح الممتع" (14/278) .