هل الحجاج من أهل مكة يقصرون الصلاة في عرفة ومزدلفة ومنى؟
هل يقصر الحاج من أهل مكة الصلاة في المشاعر ؟
الجواب
الحمد لله.
"المشهور عند أصحاب الأئمة الثلاثة : الشافعي ومالك وأحمد رحمهم الله أن المكي لا
يقصر ولا يجمع لأنه غير مسافر ، إذ إن السفر ما بلغ ثلاثة وثمانين كيلو ، أو أكثر ،
والمعروف أن عرفة هي أبعد المشاعر عن مكة لا تبلغ هذا المبلغ ، فعلى هذا لا يجمع
أهل مكة ولا يقصرون ، بل يتمون ويصلون كل صلاة في وقتها ، سواء في عرفة ، أو في
مزدلفة ، أو في منى .
وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنهم يجمعون ويقصرون ، وقال : إن الجمع والقصر سببه
النسك ، وليس سببه السفر ، فيقصرون ، ولو كانوا في منى وهي أقرب المشاعر إلى مكة .
ولكن الصحيح أن القصر في منى وفي عرفة ومزدلفة ، ليس سببه النسك بل سببه السفر ،
والسفر لا يتقيد بالمسافة ، بل يتقيد بالحال وهو أن الإنسان إذا خرج وتأهب واستعد
لهذا الخروج وحمل معه الزاد والشراب فهو مسافر .
وبناء على ذلك نقول : إن الناس في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يتزودون
للحج ، أهل مكة وغير أهل مكة ، ولهذا كان أهل مكة مع الرسول صلى الله عليه وسلم في
حجة الوداع ، يجمعون ويقصرون تبعاً للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم يقل : يا أهل
مكة أتموا . وهذا هو القول الراجح ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
....
وعلى القول الثاني الذي رجحناه فإن الإنسان إذا كان في مزدلفة أو في عرفة يكون في
مكان منفصل عن مكة فيترخص برخص السفر ، أما إذا كان في منى فإن منى في الوقت الحاضر
صارت كأنها حي من أحياء مكة ، فلهذا نرى أن الاحتياط للمكي أن لا يجمع ولا يقصر في
منى ، مع أنه لا جمع في منى حتى لغير المكيين ، إذ إن منى السنة فيها لغير المكيين
القصر بدون جمع ، أما مزدلفة وعرفة فهي منفصلة عن مكة ولم تتصل بها حسب ما رأيت أنه
لم يتصل البناء ، وعلى كل حال لو فرض أن مكة كبرت في المستقبل وصارت المزدلفة منها
مثل منى فالحكم واحد" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/61-63) .