تعليق الإعلانات في المساجد
نعيش في بلد أوروبي وتواجهنا مشكلة الحصول على لحم حلال ، مذبوح على الشريعة الإسلامية ، وقد اتفقنا مع جزار نصراني على أن يذبح لنا على الشريعة الإسلامية ، بهدف توفير اللحم الحلال لإخواننا المسلمين وسمينا المشروع : "اللحم الحلال" . فهل يجوز الإعلان للإخوة المسلمين عن هذا الأمر – توفر لحوم حلال - بعد صلاة الجمعة ، ومناقشة مثل هذه الأمور معهم ، وجمع المال منهم من أجل ذلك ؟
حيث إن هذا الوقت - بعد الجمعة - هو ربما الوقت الوحيد الذي يمكن أن يجتمع فيه المسلمون ، ولا يوجد مكان آخر غير المسجد لنجتمع فيه ، فمن الصعب إيجاد مكان آخر للاجتماع ، فهل يشرع لنا ذلك ؟
وهل نستطيع وضع ملصق إعلان على الباب الخارجي للمسجد كبديل للإعلان داخل المسجد؟
الجواب
الحمد لله.
الإعلان في المساجد ، إن كان عن طاعة فلا حرج فيه أن يكون داخل المسجد ، وإن كان عن
أمر دنيوي ، كالأمور التجارية الربحية ، فلا يجوز أن يكون داخل المسجد ، ولا حرج من
الإعلان عنه خارج أبواب المسجد أو على جدرانه الخارجية .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" :
" لا يجوز أن تتخذ المساجد ولا ساحاتها ولا أسوارها ميدانا لعرض الإعلانات التجارية
، سواء كانت هذه الإعلانات مقصودة أو جاءت تبعا في النشرات واللوحات الدينية
الخيرية ؛ لأن المساجد إنما بنيت لعبادة الله تعالى من صلاة وذكر وتعلم العلم
وتعليمه وقراءة القرآن ونحو ذلك ، فالواجب تنزيه المساجد عما لا يليق بها من أمور
التجارة ، ومن ذلك الإعلانات التجارية الدعائية ، سواء كانت مقصودة أو تابعة لغيرها
في النشرات الدينية الخيرية ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إذا
رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا : لا أربح الله تجارتك ) وعرض الإعلانات
التجارية من التجارة " انتهى.
"فتاوى اللجنة" (المجموعة الثانية 5/270).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم وضع بعض الإعلانات في المسجد ؟ كالإعلان
عن حملة للحج أو للعمرة ، أو الإعلان عن وجود محاضرات أو دروس علم ؟
فأجاب رحمه الله :
"أما ما كان إعلانا عن طاعة فلا بأس به ؛ لأن الطاعة مما يقرب إلى الله، والمساجد
بنيت لطاعة الله سبحانه وتعالى .
وأما ما كان لأمور الدنيا ، فإنه لا يجوز ، ولكن يعلن عنه على جدار المسجد من
الخارج . فالحملات - حملات الحج - أمر دنيوي ، فلا نرى أن نعلن عنها في الداخل .
وحلق الذكر - كدورات العلم - خيرٌ محض ، فلا بأس أن يعلن عنها في داخل المسجد ؛
لأنها خير " انتهى باختصار.
"شرح منظومة القواعد الفقهية" (ص/52).
وقال أيضا رحمه الله :
" لا يجوز أن تعلق الإعلانات للحج والعمرة داخل المسجد ؛ لأن غالب الذين يأخذون هذه
الرحلات يقصدون الكسب المالي ، فيكون هذا نوعاً من التجارة ، لكن بدلاً من أن تكون
في المسجد تكون عند باب المسجد من الخارج "
انتهى.
"لقاءات الباب المفتوح" (لقاء رقم 151، سؤال رقم 10).
وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : تقوم بعض الدوائر الحكومية والشركات والمؤسسات
بإلصاق إعلاناتها على أبواب المساجد من الخارج ، وفيها إعلان عن بيع بعض الأدوات
القديمة والمستعملة لديهم ، وتفعل ذلك أيضًا بعض حملات الحج والعمرة في الإعلان عن
خدماتها ، وأحيانًا تفتح هذه الأبواب فتكون الإعلانات داخل المسجد ، فما الحكم في
ذلك ؟
فأجاب رحمه الله :
" لا يجوز جعل هذه الإعلانات في لوحات المسجد الداخلة فيه ، ولا في الأبواب التي
إذا فُتحت كانت الدعايات والإعلانات في داخل المسجد ، وأما إلصاق هذه الإعلانات على
الحيطان الخارجية فلا مانع من ذلك ، سيما إذا كان فيها شيء من الأعمال الخيرية ، أو
كانت تلك الشركات والمؤسسات والحملات ممن يُساعد على الخير ، ويُساهم في الجمعيات
الخيرية ومدارس التحفيظ ، فلهم أن يُمكنوا من جعل إعلاناتهم على حيطان المسجد
الخارجة " انتهى.
نقلا عن هذا الرابط:
http://ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=vmasal&subid=3418&parent=786
وبناء على ما سبق ، فإن كان مشروع "اللحم الحلال" مشروعاً ربحيا تجاريا فلا يجوز
الإعلان عنه داخل المسجد .
أما إذا كان المشروع خيريا ، ولا يقصد به الربح والتجارة ، وإنما يقصد منه إعانة
المسلمين بتوفير اللحم الحلال لهم ، فلا حرج من الإعلان عنه داخل المسجد .
ويقتصر في الإعلان على قول : يتوفر هذا الأسبوع لحم حلال ، فمن أراد فليرجع إلى
مكتب فلان أو الأخ فلان (خارج المسجد) .
أما الاجتماع من أجل ذلك في المسجد وجمع الأموال فهذا يحول المسجد إلى ما يشبه
السوق ، وهذا يتنافى مع تعظيم المسجد .
والله أعلم .