إنهن من العتاق الأول ، وهن من تلادي
ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم في سور الإسراء والكهف ومريم : ( إنهن من العتاق الأول ، وهن من تلادي ) ؟
الجواب
الحمد لله.
هذا الحديث ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو من كلام الصحابي
الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، فقد روى البخاري في صحيحه (4994) بسنده عن
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ قال : سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ فِي "
بَنِى إِسْرَائِيلَ " و " الْكَهْفِ " وَ " مَرْيَمَ " وَ " طَهَ " وَ "
الأَنْبِيَاءِ " : ( إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ ، وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِي
) .
ولعل أقدم ما وردنا من تفسيره ما قاله الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه "
فضائل القرآن " (حديث رقم/385) ، حيث قال بعد روايته له :
" قوله : " من تلادي " : يعني : من قديم ما أخذت من القرآن ، وذلك أن هذه السور
نزلت بمكة " انتهى .
ويستدل العلماء بهذا الأثر عن ابن مسعود على أن ترتيب السور في مصحف عثمان رضي الله
عنه ترتيب توقيفي كان على زمن النبي صلى الله عليه وسلم .
يقول الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/49) :
" انفرد البخاري بإخراجه ، والمراد منه ذكر ترتيب هذه السور في مصحف ابن مسعود
كالمصاحف العثمانية .
وقوله : ( من العتاق الأول ) أي : من قديم ما نزل .
وقوله : ( وهن من تلادى ) أي : من قديم ما قنيت وحفظت .
والتالد في لغتهم : قديم المال والمتاع ، والطارف : حديثه وجديده " انتهى .
وانظر "البرهان في علوم القرآن" (1/257) .
وسئلت "اللجنة الدائمة " (المجموعة الثانية 3/128) السؤال الآتي :
" ما صحة هذا الحديث ، قال صلى الله عليه وسلم في بني إسرائيل ، والكهف ، وطه ،
ومريم ، والأنبياء : ( هن من العتاق الأول ، وهن من تلادي ) .
فأجابت : " الحديث المذكور رواه الإمام البخاري موقوفا على ابن مسعود رضي الله عنه
، يعني : أنهن من السور المتقدمات في النزول . وقوله : ( من تلادي ) أي : أنهن مما
أحفظه من قديم " انتهى باختصار .
وانظر جواب السؤال رقم : (90186)
.
والله أعلم .