هل ذكرت التحيات في قصة المعراج ؟
ما صحة قصة أن لفظ : ( التحيات ) كانت عندما عرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء ، ووصل سدرة المنتهى ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( التحيات لله والصلوات والطيبات ، فقال الله : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، فقالت الملائكة : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ) ، فهذه القصة تدرس للأطفال في المدارس لتساعدهم على حفظ التحيات ؟
الجواب
الحمد لله.
لا يعرف لهذه القصة أصل ولا سند ، ولم نقف لها على أثر في كتب السنة الصحيحة ، وقصة
المعراج ثابتة بتفاصيلها في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما ، وليس فيها شيء عن مناسبة
ذكر التشهد المعروف في الصلاة ، وكذلك لم يرد شيء عن هذه القصة حين عَلَّمَ النبي
صلى الله عليه وسلم الصحابة الكرام هذا التشهد .
فقد روى الشيخان : البخاري (6328) ومسلم (402) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي
الله عنه قَالَ : ( كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ
، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ :
إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ ، فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ
فَلْيَقُلْ : التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلَامُ
عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلَامُ
عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ . - فَإِذَا قَالَهَا أَصَابَتْ
كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ - أَشْهَدُ أَنْ لَا
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، ثُمَّ
يَتَخَيَّرُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ ) .
وغاية ما وقفنا عليه في هذه القصة :
ما تنقله بعض كتب التفسير عند قوله تعالى : ( سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ )
يّـس /58 ، فقالوا : " يشير إلى السلام الذي سلمه الله على
حبيبه عليه السلام ليلة المعراج إذ قال له : " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته " ، فقال في قبول السلام : " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين "
انتهى . انظر "روح المعاني" للآلوسي" (3/38) .
وما يذكره بعض شراح السنة عند الكلام على حديث التشهد ، ذكره بدر الدين العيني في
"شرح سنن أبي داود" (4/238) ، ونقله الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" عن ابن
الملك ، وكذلك تذكره هذه القصة في بعض كتب الفقه ، مثل حاشية "تبيين الحقائق شرح
كنز الدقائق" (1/121) ، وفي بعض كتب الصوفية كالقسطلاني والشعراني .
وجميع ذلك ذكر معلق غير مسند ، فلا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، كما
لا يجوز تعليمه الأولاد الصغار ، لأنه لا يعرف له أصل صحيح عن النبي صلى الله عليه
وسلم ، وقد اتفق أهل العلم على حرمة رواية الأحاديث الموضوعة إلا على سبيل التكذيب
والتحذير.
والله أعلم .