تسمية الابن باسم إسرائيل في هذا الزمن
ما حكم التسمي بـ ( إسرائيل ) في هذا الزمن بحجة أنه اسم نبي ؟
الجواب
الحمد لله.
كلمة " إسرائيل " ذات دلالات معنوية وتاريخية وعقائدية وعرقية متشابكة ، والذي
يهمنا منها ما نستطيع الجزم به ، أن اسم نبي الله يعقوب عليه السلام هو أيضا "
إسرائيل " ، فقد جاء القرآن بذلك في موضعين اثنين :
في قوله تعالى : ( كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا
حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ
فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) آل
عمران/93 .
وفي قوله عز وجل :
( أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ
ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ
آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ) مريم/58 .
وقد ذكرت كتب التراجم والسير جماعة من المسلمين تسموا بهذا الاسم " إسرائيل " من
أشهرهم إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، أحد رواة الكتب الستة الحفاظ الثقات
، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (7/355) .
فلا حرج – من حيث الأصل – أن يتسمى المسلم بهذا الاسم ، فهو اسم لواحد من أعظم
الرسل والأنبياء سيدنا يعقوب عليه الصلاة والسلام .
وأما في هذه الأزمان ، فلا ينبغي تسمية مواليد المسلمين بهذا الاسم لسببين اثنين :
1- الأذى البالغ الذي قد يسببه هذا الاسم للطفل في حياته ومعاملاته ، فقد اشتهر هذا
الاسم اليوم على الدولة الصهيونية الغاصبة لديار المسلمين ، المعادية لهم ولدينهم ،
وهي ما تسمى بـ " دولة إسرائيل " ، ولم يعد الناس يلحظون فيه اسم نبي الله يعقوب
عليه السلام ، بل لا يلحظون فيه إلا الجرائم والفظائع التي ترتكبها تلك الدولة
المسخ في حق إخواننا المستضعفين في الأرض المقدسة ، وذلك – ولا شك – سيكون سبب أذية
للطفل الذي يحمل هذا الاسم ، والواجب على الوالد أن يختار لابنه اسما يحبه الناس
ويستبشرون بسماعه ، واختلاف الأحوال واللغات والأزمان مؤثر في اختياره ، ولا ينبغي
الاقتصار فقط على كونه اسم نبي أو صحابي أو واحد من العلماء ، فما يصلح في زمان قد
لا يصلح في زمان آخر ، وقد سبق تقرير ذلك في جواب السؤال رقم : (101401)
.
2- تنوع المعاني الدلالية لهذا الاسم " إسرائيل " ، واشتهارها في هذا الزمن ، مما
يُخفي المعنى الحقيقي له الذي أطلقه الله سبحانه على نبيه يعقوب عليه السلام .
يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري : " كلمة " يسرائيل " تشير أيضاً إلى نسل يعقوب ،
ثم أصبحت تشير إلى المملكة الشمالية " يسرائيل " قبل التهجير الآشوري ، ثم استُخدمت
الكلمة للإشارة إلى سكان المملكة الجنوبية " يهودا " بعد سقوط مملكة يسرائيل ، إلى
أن حلت كلمة " يهودي " محلها ، وللكلمة في دلالتها الاصطلاحية معنيان أساسيان : فهي
تعني اليهود بوصفهم شعباً مقدَّساً ، وتعني فلسطين بوصفها أرضاً مقدَّسة ، وهي ترد
مضافة إلى كلمات أخرى ، مثل : " عام يسرائيل " أي : " شعب إسرائيل " ، و " بنو
يسرائيل " و " كنيست يسرائيل " أي : " مجمع إسرائيل " أو " جماعة يسرائيل " . وقد
بُعثت كلمة " يسرائيلي " مرة أخرى في عصر الانعتاق ، في القرن التاسع عشر الميلادي
، كما بعثت أيضاً كلمة " عبراني " لأن كلمة " يهودي " كانت تحمل إيحاءات سلبية .
وفي العصر الحديث ، تُستخدَم عبارة " مدينة إسرائيل " العبرية للإشارة إلى الدولة
الصهيونية ، وكلمة " إسرائيليين " للإشارة إلى أعضاء التجمع الاستيطاني الصهيوني في
فلسطين ، ولكننا ، إذا أردنا التفرقة ، فمن المستحسن أن نطلق كلمة : " إسرائيليين "
على سكان التجمع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين وحدهم ، وأن نسمِّي اليهود القدامى
- من حيث هم تَجمُّع بشري له خصائص إثنية مُتميِّزة - " عبرانيين " ( ومفردها
عبراني ) ، وأن نسميهم " جماعة يسرائيل " ، ( وأحياناً اليسرائيليين ) لنصفهم من
حيث هم جماعة دينية ، على أن تظل كلمة " يهودي " مصطلحاً يشير إلى كل من يعتنق
اليهودية ، وهي العقيدة التي اكتسبت ملامحها الرئيسية في القرن الأول قبل الميلاد "
انتهى .
"موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية" (2/206) .
هذا وقد أشار بعض أهل العلم إلى خطأ تسمية دولة اليهود اليوم بـ إسرئيل – كما في
"معجم المناهي اللفظية" (ص/93) .
والله أعلم .