ما حكم أكل " الحلزون " ؟ علماً أن إعداد وجبة " الحلزون " يتطلب طبخه حيّاً ! وهل كان " الحلزون " يؤكل في عهد رسول الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ؟ .
الحمد لله.
أولاً :
"الحلزون" نوعان ، بري ، وبحري ، أما البري : فتصنيفه من "الحشرات" التي لا دم لها سائل ، وأما البحري : فهو من القواقع ، وهو من الحيوانات البحرية .
ففي "الموسوعة العربية العالمية" :
"الحَلَزون" حيوان بحري رخو ، وهو نوع من القواقع ، وتتمتع معظم القواقع بِصَدَفة خارج أجسامها ، ولكن بعض الحلزونات تتمتع بصدَفة صغيرة مسطحة فوق الجلد ، أو تحته ، إلا أن معظمها ليس له أصداف على الإطلاق .
وتتمتع الحلزونات البرية بزوجين من قرون الاستشعار ، مع وجود العيون على طرف القرن الأطول ، ويعتبر الحلزون الرمادي الكبير : حشرة مؤذية ؛ لأن لها شهية نهمة لأكل النباتات ، ويبلغ طولها 10سم . انتهى .
ثانياً :
أما بخصوص حكم أكل الحلزون :
أ. فالبري منها : يدخل في حكم أكل الحشرات ، وقد ذهب إلى تحريمها جمهور العلماء ، قال النووي رحمه الله في "المجموع" (9/16) : "مذاهب العلماء في حشرات الأرض .... مذهبنا أنها حرام ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد وداود . وقال مالك : حلال" انتهى .
وقال ابن حزم رحمه الله :
"ولا يحل أكل الحلزون البري , ولا شيء من الحشرات كلها : كالوزغ ، والخنافس , والنمل , والنحل , والذباب , والدبر , والدود كله - طيارة وغير طيارة - والقمل , والبراغيث , والبق , والبعوض وكل ما كان من أنواعها ؛ لقول الله تعالى : (حرمت عليكم الميتة) ؛ وقوله تعالى (إلا ما ذكيتم) ، وقد صح البرهان على أن الذكاة في المقدور عليه لا تكون إلا في الحلق ، أو الصدر , فما لم يقدر فيه على ذكاة : فلا سبيل إلى أكله : فهو حرام ؛ لامتناع أكله ، إلا ميتة غير مذكى" انتهى .
"المحلى" (6/ 76 ، 77) .
ولم تشترط المالكية ذبح ما ليس له دم سائل ، بل جعلوا حكمه كحكم الجراد ، وذكاته : بالسلق ، أو الشوي ، أو بغرز الشوك والإبر فيه حتى يموت ، مع التسمية :
ففي "المدونة" (1/542) :
"سئل مالك عن شيء يكون في المغرب يقال له الحلزون يكون في الصحارى يتعلق بالشجر أيؤكل ؟ قال : أراه مثل الجراد ، ما أخذ منه حيّاً فسلق أو شوي : فلا أرى بأكله بأساً , وما وجد منه ميتاً : فلا يؤكل" انتهى .
وفي " المنتقى شرح الموطأ " ( 3 / 110 ) لأبي الوليد الباجي رحمه الله :
"إذا ثبت ذلك : فحكم الحلزون : حُكم الجراد ، قال مالك : ذكاته بالسلق ، أو يغرز بالشوك والإبر حتى يموت من ذلك ، ويسمَّى الله تعالى عند ذلك ، كما يسمى عند قطف رءوس الجراد" انتهى .
ب. وأما البحري منها : فهو حلال ؛ لعموم حل صيد البحر ، وطعامه ، قال تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ) المائدة/96 ، وروى البخاري عن عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه قوله : "صَيْدُهُ : مَا اصْطِيدَ ، وَطَعَامُهُ : مَا رَمَى بِهِ" .
وروى البخاري عن شُرَيْح صَاحِبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : "كُلُّ شَيءٍ فِي الْبَحْرِ مَذْبُوحٌ" .
هذا ، ولم نقف على حديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل "الحلزون" .
والخلاصة :
جواز أكل الحلزون بنوعيه : البري والبحري ، ولو طبخ حيّاً فلا حرج ؛ لأن البري منه ليس له دم حتى يقال بوجوب تذكيته وإخراج الدم منه ؛ ولأن البحري منه يدخل في عموم حل صيد البحر وطعامه .
والله أعلم