بعض الناس يرى إخوانه المسلمين تنزل بهم النوازل ، وتحل بهم القوارع ، فلا يتحرك لنصرتهم ولا ينبعث لمساعدتهم ، ولا يحث غيره على ذلك ، بحجة أن ذلك إنما وقع بمشيئة الله ، وأنه لا يسوغ لنا أن نساعدهم ، والله عز وجل يعاقبهم ! وبعض الناس إذا قيل لهم أحسنوا إلى الفقراء والمحتاجين قال قائلهم : كيف نحسن إليهم والله قد شاء لهم ذلك ؟ الله يفقرهم وأنت تغنيهم ؟ أو يقول إن الله لو شاء إغناءهم لأغناهم بدون مساعدتنا ؟ فما رأي الشرع بهذا الكلام ؟.
الحمد لله.
هذا الكلام وأمثاله كلام باطل بلا ريب ، وهو يدل على جهل عظيم ، أو تجاهل وخيم ، ذلك أن المشيئة ليست حجة لفعل المعاصي أو ترك الطاعات أبداً .
ثم إن الله عز وجل أمر بإغاثة المسلم الملهوف وأوجب إعانة المحتاج ، وأنكر على من يتخلى عن واجبه بهذا الشأن قال تعالى : ( كلا بل لا تكرمون اليتيم ، ولا تحاضون على طعام المسكين ، وتأكلون التراث أكلاً لماً ، وتحبون المال حباً جماً ) ( الفجر/17-20)
وترك إطعام المساكين من أسباب دخول النار ، قال تعالى : ( ما سلككم في سقر ، قالوا لم نك من المصلين ، ولم نك نطعم المسكين ) ( المدثر/42-44)
ثم إن المال مال الله ، ولو شاء لسلب هذا القائل ماله فهل سيرضى حينئذ إذا اشتدت ضرورته إلى ما يقيم به أوده أن يقال له مثل قوله ؟
فهذا القول خطأ عظيم ، وضلالة كبرى ، وقائله فيه شَبَهٌ ممن قال الله عز وجل فيهم : ( وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه إن أنتم إلا في ضلال مبين ) ( يس/47 ) .