الحمد لله.
قراءة القصص المشتملة على السحر والخيال فيها بعض المحاذير :
أولا :
فيها نشر للأعمال السحرية الكفرية ، حتى تغدو كأنها سلوكيات عادية سوية في المجتمعات المتحضرة ، بل وتصورها كأنها مهارات مكتسبة ضرورية للفرد والمجتمع ، وتصور الساحر في أحيان كثيرة على أنه إنسان طيب صالح يعمل الخير وينشره بين الناس ، ولعل هذا أخطر ما في الأمر ، أن تصور الرذيلة بصورة الفضيلة ، وأن يختفي الإنكار القلبي ويتلاشى الشعور بشناعة السحر والساحر ، وعظيم إثمه عند الله تعالى ، فكيف إذا انتشرت مثل هذه القصص والروايات ، وأقبل عليها الأطفال والأحداث ومَن هم في سن الشباب .
بل إن هذه المفسدة اضطرت الكثير من المتخصصين التربويين الغربيين التحذير من انتشار قصص السحر مؤخرا في مجتمعاتهم ، بل ومنعت كثير من المدارس دخول هذه القصص إلى مكتباتها ، وجرت حولها بعض المداولات في المجالس البرلمانية في بريطانيا ، وذلك حين اكتشفوا شيئا من خطورة انتشارها بين الناس .
ثانيا :
وفي غالب الأحيان تُعلِّم هذه القصص والروايات قُرَّاءها أساليب السحر والكهانة ، وتنقل إليهم صورا من أسرار السحر التي يسهل تطبيقها والخوض فيها من قبل أي قارئ أو ناظر ، وفي هذا خطر عظيم أيضا : أن تجر صاحبها إلى محاولة تطبيق ما قرأه ، أو النظر فيها نظر تعلم ، وليس مجرد قراءة قصة على سبيل التسلية ، بل يخشى أن يكون في بعض هذه القصص ما يؤثر على قارئها، فتسحره أو تضره بسبب قراءة بعض الكلمات غير المفهومة في ثنايا هذه القصص .
ثالثا :
في هذه القصص والروايات إجهاد عظيم للذهن ، حيث تنتقل به بين المشاهد الغريبة والتصورات العجيبة التي لم يعهد العقل لها نظيرا في مشاهداته الواقعية ، فيذهب في تصورها كل مذهب ، وتبلغ بالطاقة الذهنية المستنفدة مبالغ كبيرة ، كل ذلك في سبيل الخيال الكاذب الذي يؤثر على اندماج الفرد بواقعه ، ويحيله إلى انتظار أحلامه في العالم الآخر ، فيضعف التفكير المنطقي ، والوعي العقلي ، والإبداع العلمي ، وهذا واحد من الآثار التربوية السيئة لمثل هذه القصص .
ولهذا ينبغي على المسلمين الحذر من تمكين أبنائهم من قراءة هذه القصص ، وينبغي على المجتمعات الحد من انتشار هذا النوع من الثقافات ، والاشتغال بالمهم والنافع من العلوم والفنون والآداب .
جاء في " فتاوى نور على الدرب " للشيخ ابن باز (1/192) :
أرجو من فضيلتكم أن تبينوا حرمة استعمال وقراءة كتب السحر والتنجيم ، حيث إنها موجودة بكثرة ، وبعض زملائي يريدون شراءها ويقولون : إنها إذا لم تستعمل فيما لا يضر فليس في ذلك حرمه . نرجو الإفادة وفقكم الله .
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه . . . أما بعد :
هذا الذي قاله السائل حق ، فيجب على المسلمين أن يحذروا كتب السحر والتنجيم ، ويجب على من يجدها أن يتلفها ، لأنها تضر المسلم وتوقعه في الشرك ، والنبي عليه الصلاة والسلام قال : ( من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد ) ، والله يقول في كتابه العظيم عن الملكين : ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ) البقرة/102، فدل على أن تعلم السحر والعمل به كفر ، فيجب على أهل الإسلام أن يحاربوا الكتب التي تعلم السحر والتنجيم ، وأن يتلفوها أينما كانت .
هذا هو الواجب ، ولا يجوز لطالب العلم ولا غيره أن يقرأها أو يتعلم ما فيها ، وغير طالب العلم كذلك ليس له أن يقرأها ولا أن يتعلم مما فيها ، ولا أن يقرها ؛ لأنها تفضي إلى الكفر بالله ، فالواجب إتلافها أينما كانت ، وهكذا كل الكتب التي تعلم السحر والتنجيم يجب إتلافها " انتهى.
والحاصل : أن مجرد قراءة هذه القصص ليس كفرا مخرجا من الملة ، ما لم يكن ذلك بقصد تعلم السحر والعمل به ، وإن كان الواجب التحذير من كتب السحر بصفة عامة ، والسعي في إتلافها وإعدامها ، بحسب القدرة ، والحذر من قراءتها أو الترويج لها .
وانظر جواب السؤال رقم (14011)
والله أعلم .