معاقة لا تستطيع الوضوء ويرفض أولادها أن يوضئوها
امرأة معاقة ولا تستطيع الوضوء وأحياناً تأمر أولادها ليوضئوها فلا يفعلون ذلك ، فتضطر إلى الصلاة بدون وضوء . فما حكم فعلها ؟
الجواب
الحمد لله.
أولاً :
يجب على الأولاد أن يساعدوا أمهم في طهارتها ، فإن هذا من حقها الواجب عليهم ، وعدم
قيامهم بذلك يوقعهم في كبيرة من أعظم الكبائر ، وهي عقوق الأمهات .
ويُخشى أن يعجل الله لهم العقوبة على تلك المعصية .
فعليهم التوبة إلى الله ، والندم على ما فعلوا ، والاعتذار لأمهم واستسماحها ،
والاجتهاد في طاعتها وإرضائها ، فإن ذلك باب من أبواب الجنة ، لا يدرون متى يغلق
عنهم ، وحينئذ لا ينفع الندم .
وأما عن طهارتها إذا رفضوا مساعدتها ..
فالمريض إذا لم يستطع أن يتوضأ ، ولم يجد من يوضئه ، ولو بأجرة ، فإنه يتيمم ،
ويمكنه التيمم من الفراش الذي ينام عليه إن كان عليه غبار ، أو يجعل بجانبه إناء
فيه رمل أو تراب يتيمم منه .
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (1/103) : " وَإِذَا وَجَدَ َالْمَرِيضُ
الَّذِي لَا يَقْدِرُ أَنْ يُوَضِّئَ نَفْسَهُ مَنْ يُوَضِّئُهُ ، أَوْ يُغَسِّلُهُ
بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَقَدَرَ عَلَيْهَا لزمه ذلك ; لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى
الصَّحِيحِ ... فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُوَضِّئُهُ وَلَا مَنْ يُيَمِّمُهُ ,
بِأَنْ عَجَزَ عَنْ الْأُجْرَةِ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ
صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ " انتهى مختصرا .
فإن كانت المرأة المسؤول عنها يمكنها أن تستأجر من يوضئها ، لزمها ذلك .
فإن لم يمكنها ذلك ، فإنها تنتقل إلى التيمم ، لقول الله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ
مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ
لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) المائدة/6 .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : المريض الذي لا يجد التراب هل يتيمم على
الجدار وكذلك الفراش أم لا ؟
فأجاب : " الجدار من الصعيد الطيب . فإذا كان الجدار مبنيا من الصعيد سواء كان حجرا
أو كان مدرا - لَبِنًا من الطين - ، فإنه يجوز التيمم عليه ، أما إذا كان الجدار
مكسوا بالأخشاب أو بالبوية فهذا إن كان عليه تراب - غبار - فإنه يتيمم به ولا حرج ،
ويكون كالذي يتمم على الأرض ؛ لأن التراب من مادة الأرض ، أما إذا لم يكن عليه تراب
، فإنه ليس من الصعيد في شيء ، فلا يتيمم عليه .
وبالنسبة للفرش نقول : إن كان فيها غبار فليتيمم عليها ، وإلا فلا يتيمم عليها
لأنها ليست من الصعيد " انتهى من "فتاوى الطهارة" (ص 240).
فإن عجزت عن التيمم ، صلت بلا وضوء ولا تيمم ، لقول الله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ
اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ) البقرة/286 ، وقوله
تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 .
وبهذا يُعلم أنه لا تجوز الصلاة بلا وضوء ولا تيمم ما دامت قادرة على التيمم .
والله أعلم .