استحباب تأخير العشاء ووجوب أدائها مع جماعة المسجد
في أسرتي عادة ما يؤخر إخواني صلاة العشاء للثلث الثاني من الليل ، فهل يجب عليّ صلاتها في أول وقتها بمفردي أم أنتظرهم لكي نصلى جماعة ؟ كما أرجو أن تخبروني بأهمية وفضل أداء الصلاة في أول وقتها ، وما هو الفرق الذي سيكون يوم القيامة بين منزلة شخصين أحدهما كان يصلي في أول الوقت ، والآخر يؤخر الصلاة لآخر وقتها ؟
الجواب
الحمد لله.
أولاً :
جاء في فضل الصلاة أول وقتها ، ما رواه البخاري (527) ومسلم (85) عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : ( سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ : الصَّلاةُ
عَلَى وَقْتِهَا . قَالَ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ .
قَالَ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) .
وروى أبو داود (426) عَنْ أُمِّ فَرْوَةَ رضي الله عنه قَالَتْ : سُئِلَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ
: ( الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا ) ،
والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
ويستثنى من ذلك أمران :
الأول : الإبراد بالظهر - أي تأخيرها عند شدة الحر حتى يبرد الجو - ؛ لقول النبي
صلى الله عليه وسلم : ( إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ، فإن شدة الحر من فيح جهنم
) رواه البخاري (537) ومسلم (615) .
الثاني : تأخير العشاء إلى ثلث الليل لمن يصليها وحده ، أو للجماعة إذا لم يشق
عليهم ذلك ؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وعلى آله وسلم :
( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل ، أو نصفه )
رواه الترمذي (167)
، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : أعتم
النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة - أي : أخر صلاة العشاء حتى اشتدت ظلمة الليل -
حتى ذهب عامة الليل حتى نام أهل المسجد ، ثم خرج فصلى فقال : ( إنه لوقتها لولا أن
أشق على أمتي ) أخرجه مسلم (638) .
ثانياً :
وقت العشاء يمتد إلى منتصف الليل ، فلا يجوز تأخيرها عن ذلك ؛ لقول النبي صلى الله
عليه وسلم : ( وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الأَوْسَطِ )
رواه مسلم (612) .
ويحسب منتصف الليل بمعرفة الزمن بين الغروب وطلوع الفجر ، وقسمته على اثنين ، ويعرف
الثلث الأول بقسمته على ثلاثة .
ثالثاً :
صلاة الجماعة واجبة في المساجد على الرجال القادرين ، في أصح قولي العلماء ؛ لأدلة
كثيرة منها : ما رواه أبو داود ( 551) وابن ماجه (793) - واللفظ له - وابن حبان في
صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من
سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر ) .
والحديث رواه الحاكم وقال : صحيح على شرط
الشيخين ، ولم يتعقبه الذهبي ، وقال الألباني في الإرواء (551) : وهو كما قالا .
وصحح الحافظ في التلخيص إسناد ابن ماجه والحاكم .
وينظر جواب السؤال رقم (8918) ،
ورقم (21498) .
وعليه ؛ فلا يجوز لك أو لإخوانك التخلف عن صلاة الجماعة في المسجد بلا عذر ، وحضور
العشاء مع جماعة المسجد مقدم على مصلحة تأخيرها إذا فعلت في البيت ؛ لأن ذلك واجب ،
وهذا مستحب .
وإذا كان المسجد بعيداً عنكم بحيث لا تسمعون صوت المؤذن ، فلا حرج من صلاتكم في
البيت حينئذ ، ويستحب تأخير العشاء إلى ما بعد ثلث الليل الأول ، إلا إذا كان في
هذا التأخير مشقة ، أو يخشى أن يكون سبباً لتضييع الصلاة أو التكاسل عنها ، فإنها
تصلى في أول الوقت .
والله أعلم .