توجد مصاحف تكون مغلفة بغلاف من القماش الثقيل فهل يجوز مسكها لمن ليس على طهارة ..كذلك ما حكم مسك أطراف الصفحات لقلب الصفحة لأنه يوجد من أجاز مسكها..ومتى نستطيع أن نقول عن كتب التفسير إنها تفسير يجوز للحائض القراءة منها ومتى نقول عنها إنها تتبع حكم المصحف لا يجوز لمسها للحائض؟
الحمد لله.
أولا :
لا يجوز مس القرآن للمحدث بلا حائل ، في مذهب جمهور الفقهاء ؛ لما جاء في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن وفيه : ( ألا يمس القرآن إلا طاهر ) رواه مالك (468) وابن حبان (793) والبيهقي (1/87) . قال الحافظ ابن حجر : " وقد صحح الحديث بالكتاب المذكور جماعة من الأئمة لا من حيث الإسناد بل من حيث الشهرة ، فقال الشافعي في رسالته : لم يقبلوا هذا الحديث حتى ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال ابن عبد البر : هذا كتاب مشهور عند أهل السير ، معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة يستغنى بشهرتها عن الإسناد ، لأنه أشبه التواتر في مجيئه لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة" انتهى من "التلخيص الحبير" (4/17).
والحديث صححه الشيخ الألباني في "إرواء الغليل" (1/158).
ثانيا :
غلاف المصحف المتصل به [أي : المثبت في المصحف بمادة لاصقة أو بالخياطة… أو غير ذلك] يأخذ حكم المصحف فلا يجوز مسه بغير وضوء ، وكذا أطراف الأوراق .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (38/7) : " ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه يمتنع على غير المتطهر مس جلد المصحف المتصل ، والحواشي التي لا كتابة فيها من أوراق المصحف ، والبياض بين السطور ، وكذا ما فيه من صحائف خالية من الكتابة بالكلية ، وذلك لأنها تابعة للمكتوب وحريم له ، وحريم الشيء تبع له ويأخذ حكمه .
وذهب بعض الحنفية والشافعية إلى جواز ذلك" انتهى .
أما الغلاف المنفصل عن المصحف ، الذي هو عبارة عن كيس يدخل فيه المصحف ويخرج منه ، فلا حرج في لمسه بدون طهارة ، ولو كان المصحف بداخله .
فيجوز مس المصحف بحائل منفصل عنه ، كالكيس الذي يوضع فيه ، والقفاز ونحو ذلك .
قال في "كشاف القناع" (1/135) : "وللمحدث حمل المصحف بعلاقته وفي غلافه أي : كيسه من غير مس له ; لأن النهي ورد عن المس والحمل ليس بمس وله تصفحه بكمه أو بعود ونحوه كخرقة وخشبة ; لأنه غير ماس له . وله مسه أي : المصحف من وراء حائل لما تقدم " انتهى بتصرف .
ثالثا :
يجوز للمحدث - حدثا أصغر أو أكبر - أن يمس كتب التفسير ، في قول جمهور الفقهاء ، إلا أن منهم من قيد ذلك بكون ما فيه من التفسير أكثر مما فيه من القرآن ، ومنهم من لم يشترط ذلك .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (13/97) : " يجوز عند جمهور الفقهاء للمحدث مس كتب التفسير وإن كان فيها آيات من القرآن وحملها والمطالعة فيها ، وإن كان جنبا ، قالوا : لأن المقصود من التفسير : معاني القرآن ، لا تلاوته ، فلا تجري عليه أحكام القرآن .
وصرح الشافعية بأن الجواز مشروط فيه أن يكون التفسير أكثر من القرآن لعدم الإخلال بتعظيمه حينئذ ، وليس هو في معنى المصحف . وخالف في ذلك الحنفية ، فأوجبوا الوضوء لمس كتب التفسير " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وأما كتب التفسير فيجوز مسها ؛ لأنها تعتبر تفسيرا ، والآيات التي فيها أقل من التفسير الذي فيها .
ويستدل لهذا بكتابة النبي صلى الله عليه وسلم الكتب للكفار ، وفيها آيات من القرآن ، فدل هذا على أن الحكم للأغلب والأكثر .
أما إذا تساوى التفسير والقرآن ، فإنه إذا اجتمع مبيح وحاظر ولم يتميز أحدهما برجحان ، فإنه يغلب جانب الحظر فيعطى الحكم للقرآن .
وإن كان التفسير أكثر ولو بقليل أعطي حكم التفسير " انتهى من "الشرح الممتع" (1/267).
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (4/136) : "يجوز ترجمة معاني القرآن بلغة غير اللغة العربية، كما يجوز تفسير معانيه باللغة العربية ويكون ذلك بيانا للمعنى الذي فهمه المترجم من القرآن ولا يسمى قرآنا.
وعلى هذا يجوز أن يمس الإنسان ترجمة معاني القرآن بغير اللغة العربية وتفسيره بالعربية وهو غير متوضئ " انتهى .
والله أعلم .