دوامه في الليل ويشق عليه أداء العصر في وقتها فهل يجمعها إلى الظهر؟
أعمل بمستشفى من الساعة الثامنة والنصف مساء إلى الساعة الثامنة والنصف صباحاً ، وأنام بعد أداء الظهر ، وأستيقظ الثامنة مساء للذهاب إلى العمل ، فهل يجوز جمع صلاتي الظهر مع العصر تقديماً ، والمغرب مع العشاء تأخيراً ؟
الجواب
الحمد لله.
الأصل هو فعل الصلاة في وقتها كما أمر الله تعالى بقوله : ( إِنَّ الصَّلَاةَ
كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا )
النساء/103
، ويحرم تضييعها وتأخيرها عن وقتها ؛ لقوله تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ
خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا
) مريم/59 .
قال ابن مسعود عن الغي : واد في جهنم ، بعيد القعر ، خبيث الطعم .
وأما الجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء ، فإنه يكون لأعذار بينها
العلماء ، منها السفر والمرض ، والخوف ، والمطر .
وجعل منها بعضهم : رفع الحرج والمشقة ، فحيث حصلت المشقة جاز الجمع ، اعتمادا على
ما روى مسلم (705) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : ( جَمَعَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ،
وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ، بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ . قيل
لِابْنِ عَبَّاسٍ : لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : كَيْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ ) .
لكن هذا إن فُعل فإنه يُفعل أحيانا ولا يداوم عليه .
قال الشوكاني رحمه الله في "نيل الأوطار" (3/264) : " وقد استدل بهذا الحديث
القائلون بجواز الجمع مطلقا بشرط أن لا يتخذ ذلك خُلقا وعادة . قال في الفتح : وممن
قال به ابن سيرين وربيعة وابن المنذر والقفال الكبير وحكاه الخطابي عن جماعة من
أصحاب الحديث " انتهى .
ولا يخفى عليك أن الصلاة آكد الفرائض ، وهي رأس مال المسلم في هذه الحياة ، فجدير
به أن يحافظ عليها ، وأن ينظم شؤونه لأجلها ، وأن يختار العمل الذي لا يعيقه عن
أدائها مع الجماعة ، ولهذا نوصيك بتقوى الله تعالى ، والحرص على أداء الصلاة في
وقتها ، ولو أنك نمت بعد رجوعك من العمل ، واستيقظت للظهر ، ثم نمت أيضا إلى صلاة
العصر ، لتيسر لك فعل الصلاة في وقتها ، وكثير من الناس لديهم عمل مثل عملك ، لكن
لم يمنعهم ذلك من المحافظة على الصلوات في أوقاتها ، والأمر يرجع إلى قوة العزيمة ،
وصدق الإرادة ، وزيادة الخوف من الله تعالى .
والحاصل أنك تجتهد في فعل الصلاة في وقتها ، وتعزم على ذلك ، وتهيء الأسباب له ،
فإن قدر أنك نمت عن الصلاة فأنت معذور ، ولا تلجأ إلى الجمع إلا عند وجود العذر
البين من مرض أو سفر ، أو في حال وجود التعب الشديد الذي يغلب على الظن معه أنك لا
تتمكن من القيام للصلاة ، بشرط أن يفعل ذلك في أقل الأحوال .
ونسأل الله تعالى أن يوفقك ويعينك ويجعل الصلاة قرة عينك وراحة نفسك .
والله أعلم .